صفحة جزء
قلت : وهل يكون إسلام أحد الزوجين طلاقا إذا بانت منه في قول مالك ؟

قال : قال : لا يكون إسلام أحد الزوجين طلاقا إنما هو فسخ بلا طلاق . ابن وهب عن مالك وعبد الجبار ويونس عن ابن شهاب قال :

{ بلغنا أن نساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين يسلمن كفار : منهن ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح بمكة وهرب صفوان من الإسلام فركب البحر ، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير بن خلف برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يقدم عليه ، فإن أحب أن يسلم أسلم ، وإلا سيره شهرين قال : عبد الجبار في الحديث فأدركه وقد ركب في البحر ، فصاح به أبا وهب ، فقال : ما عندك وماذا تريد فقال : هذا رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لك ، فتأتي فتقيم شهرين فإن رضيت أمرا قبلته وإلا رجعت إلى مأمنك ، قالوا في الحديث فلما قدم صفوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه وهو بالأبطح بمكة ناداه على رءوس الناس وهو على فرسه راكب فسلم عليه ثم قال يا محمد إن هذا وهب بن عمير أتاني بردائك فزعم أنك تدعوني إلى القدوم عليك إن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزل أبا وهب قال : والله لا أنزل حتى تبين لي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا بل لك تسير أربعة أشهر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين وسار صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان فاستقرت امرأته عنده بذلك النكاح } .

قال مالك : قال ابن شهاب وكان بين إسلام امرأة صفوان وبين إسلام صفوان نحو من شهر ، قالوا عن ابن شهاب وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن ، فارتحلت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وهي مسلمة حتى قدمت عليه اليمن ، فدعته إلى الإسلام فأسلم ، فقدمت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه ، قال فلم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بينه وبينها واستقرت عنده بذلك النكاح .

ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح { أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحت أبي العاص بن الربيع ، فأسلمت وهاجرت وكره زوجها الإسلام ، ثم إن أبا العاصي خرج إلى الشام تاجرا فأسره رجال من الأنصار فقدموا به المدينة ، فقالت زينب إنه يجير على المسلمين أدناهم . قال : ومن ذلك ؟ قالت : أبو العاصي . قال قد أجرنا من أجارت زينب فأسلم وهي في عدتها ثم كان على نكاحه } . [ ص: 214 ] مالك ويونس وقرة عن ابن شهاب أنه قال لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها كافر مقيم بأرض الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها الكافر إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي العدة وأنه لم يبلغنا أن أحدا فرق بينه وبين زوجته بعد أن قدم عليها مهاجرا وهي في عدتها . قال يونس قال ابن شهاب ولكن السنة قد مضت في المهاجرات اللاتي قال الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } قال فكانت السنة إذا هاجرت المرأة أن يبرأ من عصمتها الكافر وتعتد ، فإذا انقضت عدتها نكحت من بدا لها من المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية