صفحة جزء
قلت : أرأيت الحامل إذا وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر أيكون الزوج أحق برجعتها ؟ قال : قال مالك : الزوج أحق برجعتها حتى تضع آخر ولد في بطنها وقاله ابن شهاب وربيعة وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وأبو الزناد [ ص: 234 ] وابن قسيط ، وقال غيره وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فالرجعة له عليها ما لم تحض الحيضة الثالثة ، فقد مضت الثلاث الأقراء التي قال الله ; لأن الأقراء هي الأطهار وليست بالحيض قال الله : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ولم يقل ثلاث حيض . فإذا طلقها وهي طاهر فقد طلقها في قرء وتعتد فيه ، فإذا حاضت حيضة فقد تم قرؤها ، فإذا طهرت فهو قرء ثان فإذا حاضت الحيضة الثانية فقد تم قرؤها الثاني فإذا طهرت فهو قرء ثالث ولزوجها عليها الرجعة حتى ترى أول قطرة من الحيضة الثالثة فقد تم قرؤها الثالث وانقضى آخره فانقضت الرجعة عنها وحلت للأزواج .

قال : أشهب غير أني أستحب أن لا يعجل بالتزويج حتى يتبين أن الدم الذي رأت في آخر الحيضة دم حيضة بتماديها فيها ; لأنه ربما رأت المرأة الدم الساعة والساعتين واليوم ثم ينقطع ذلك عنها فيعلم أن ذلك ليس بحيض ، فإن رأت هذا امرأة في الحيضة الثالثة فإن لزوجها عليها الرجعة وعليها الرجوع إلى بيتها الذي طلقت فيه حتى تعود إليها الحيضة صحيحة مستقيمة ، وقد ذكر ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال قضى زيد بن ثابت أن تنكح في دمها .

قال ابن شهاب وأخبرني بذلك عروة بن الزبير عن عائشة .

قال ربيعة وعدتهن من الأقراء الأطهار فإذا مرت بها ثلاثة أقراء فقد حلت وإنما الحيض علم الأطهار فإذا استكملت الأطهار فقد حلت .

مالك وسليمان بن بلال أن زيد بن أسلم حدثهما عن سليمان بن يسار عن الليث بن سعد ومالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن ابن الأحوص هلك بالشام حتى دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة . فقالا قد بانت منه وحلت وقد كان طلقها تطليقة أو تطليقتين ، فكتب معاوية إلى زيد يسأله عن ذلك فكتب إليه إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها .

مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين قالت : انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة

. فقال ابن شهاب : فذكرت ذلك لعمرة فقالت : صدق عروة وقد جادلها فيه ناس فقالوا : إن الله يقول { ثلاثة قروء } ، فقالت صدقتم ولا يدرون ما الأقراء إنما الأقراء الأطهار .

قال ابن شهاب وسمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد قول عائشة .

قال مالك : وحدثني الفضل بن أبي عبد الله مولى المهريين أنه سأل القاسم وسالم عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة ، فقالا : قد بانت منه وحلت . [ ص: 235 ] أشهب قال مالك وقاله سليمان بن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن وقالوا كلهم : ولا ميراث بينهما ولا رجعة له عليها .

قال مالك : وقاله ابن شهاب ابن وهب عن ابن لهيعة أن ابن أبي جعفر حدثه عن نافع عن ابن عمرو وزيد بن ثابت مثله . أشهب عن ابن الدراوردي أن ثور بن زيد الديلي حدثه عن ابن عباس أنه كان يقول : إذا حاضت المطلقة الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها .

أشهب عن القاسم بن عبد الله أن عبد الله بن دينار حدثه عن عائشة وابن عمرو وزيد بن ثابت أنهم كانوا يقولون إذا طلق الرجل امرأته وقد حاضت الحيضة الثالثة لم يكن لها عليه رجعة ولا يتوارثان ولم يكن بينهما شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية