صفحة جزء
قلت : أرأيت إن قال : إن قربتك فأنت علي كظهر أمي ، متى يكون مظاهرا أساعة تكلم بذلك أو حتى يطأ ؟

قال : هو مول في قول مالك ساعة تكلم بذلك ، فإن وطئ سقط الإيلاء عنه ولزمه الظهار بالوطء ولا يقربها بعد ذلك حتى يكفر كفارة الظهار ، فإن تركها لا يكفر كفارة الظهار كان سبيله ما وصفت لك في قول مالك في المظاهر المضار .

قلت : لم قال مالك : إذا ظاهر من امرأته فقال لها : أنت علي كظهر أمي إنه مول إن تركها ولم يكفر كفارة الظهار وعلم أنه مضار وليس هذا بيمين لأنه لم يقل إن قربتك فأنت علي كظهر أمي وإنما قال : أنت علي كظهر أمي فهذا لا يكون يمينا فلم جعله مالك موليا وجعله يمينا ؟

قال : قال مالك : لا يكون موليا حتى يعلم أنه مضار ، فإذا علم أنه مضار حمل محمل الإيلاء لأن مالكا قال : كل يمين منعت من الجماع فهي إيلاء ، وهذا الظهار إن لم يكن يمينا عند مالك فهو إذا كف عن الوطء وهو يقدر على الكفارة علم أنه مضار ، فلا بد أن يحمل محمل المولي .

وقال سحنون وغيره : والظهار ليس بحقيقة الإيلاء ولكنه من شرح ما يقدر عليه الرجل فيما يحلف فيه بالطلاق ليفعلنه ، ثم يقيم وهو قادر على فعله فلا يفعله وتكون زوجته موقوفة عنه لا يصيبها لأنه على حنث ، فيدخل عليه الإيلاء إذا قالت امرأته هذا ليس يحل له وطئي وهو يقدر على أن يحل له بأن يفعل ما حلف عليه ليفعلنه فيحل له وطئي ، فكذلك التي ظاهر منها تقول هذا لا يحل له وطئي ، وهو يقدر على أن يحل له بأن يكفر فيجوز له وطئي فهو يبتدئ به أجل المولي بالحكم عندما يرى السلطان من ضرره إذا رآه ، ثم يجري الحساب بالمولي غير أن فيئته أن يفعل ما يقدر عليه من الكفارة ، ثم لا يكون عليه إذا فعله أن يصيب إذا حل له الوطء كما لم يكن على الذي حلف ليفعلن إذا فعله أن يصيب .

وقال ربيعة وابن شهاب في الذي حلف بطلاق امرأته ليفعلن فعلا : إنه لا يمس امرأته ، قالا ينزل بمنزلة الإيلاء

قلت : وإذا قال : أنا أكفر ولم يقل أنا أطأ ، أيكون له ذلك في قول مالك ؟

قال : نعم لأن فيئه الكفارة ليس الوطء ; لأنه إذا كفر عن ظهاره فقد سقط عنه الإيلاء وكان له أن يطأ بلا كفارة ، فإذا كفر عن ظهاره فلا [ ص: 318 ] يكون موليا ، وإذا لم يكن يعلم منه الضرر وكان يعمل في الكفارة فلا يدخل عليه الإيلاء .

قلت : أرأيت إن كان ممن لا يقدر على عتق وهو يقدر على الصوم في الأربعة الأشهر ، فلم يصم الشهرين عن ظهاره في الأربعة الأشهر حتى مضت الأربعة الأشهر ، أيكون موليا منها ويكون لها أن توقفه ؟

قال : نعم .

وقد روى غيره أن وقفه لا يكون إلا من بعد ضرب السلطان أجله ، وكل لمالك والوقف بعد ضرب الأجل أحسن .

قلت : فإن وقفته ، فقال الزوج : دعوني أنا أصوم شهرين عن ظهاري ؟

قال : ذلك له ولا يعجل عليه السلطان إذا قال : أنا أصوم عن ظهاري قلت : أرأيت إن ترك فلم يصم حتى مضى شهر ، فرفعته أيضا إلى السلطان فقالت : هذا هو مفطر قد ترك الصيام ، أو لما تركه السلطان ليصوم ترك الصوم يوما أو يومين أو خمسة أيام ، فرفعته امرأته إلى السلطان ، أيكون هذا مضارا ويفرق السلطان بينهما في قول مالك أم لا ؟

قال : يختبر بذلك المرتين والثلاثة ونحو ذلك ، فإن فعل وإلا فرق السلطان بينهما ولم ينتظره ، لأن مالكا قال في المولي إذا قال : أنا أفيء فانصرف فلم يف فرفعته أيضا إلى السلطان : إنه يأمره بذلك ويختبره المرة بعد المرة ، فإن لم يف وعرف كذبه ولم يكن له عذر طلق عليه .

قلت : أرأيت إن تركها أربعة أشهر ولم يكفر كفارة الظهار فرفعته إلى السلطان ، فقال : دعوني حتى أكفر كفارة الظهار أصوم شهرين متتابعين وأجامعها وقالت المرأة لا أؤخرك ؟

قال : قال مالك في المولي إذا أتت الأربعة الأشهر فكان في سفر أو مريضا أو في سجن : إنه يكتب إلى ذلك الموضع حتى يوقف في موضعه ذلك ، فإما فاء وإما طلق عليه السلطان ، ومما يعرف به فيئته أن يكون يقدر على الكفارة فيكفر عن يمينه التي كانت عليه في الإيلاء ، فإن قال أنا أفيء في موضعه ذلك وكفر تلك وإن أبى من ذلك طلقت عليه .

قلت : أرأيت إن أبى أن يكفر وقال أنا أفيء ؟

قال : لم أر قول مالك في هذا إنه يجزئه قوله .

" أنا أفيء " دون أن يكفر ، ولم ير له الفيء ههنا دون الكفارة لأنه يعلم أنه لا يطأ وهو مريض أو غائب أو في سجن لا يقدر عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية