صفحة جزء
المكاتب يقاطع سيده على أن يؤخره عنه ويزيده قلت : أرأيت المكاتب في قول مالك : أيصلح له أن يقاطع سيده ويؤخره عنه على أن يزيده في قول مالك ؟

قال : لا بأس بذلك في قول مالك ، لأنه قال : لا بأس بأن يضع عنه على أن يعجل له ، وقال مالك : لا بأس بأن يعجل العين التي له على مكاتبه في عرض على أن يؤخر العرض ، فهذا يدلك على مسألتك أنه لا بأس بها .

قلت : وسواء حل الأجل أو لم يحل في قول مالك ؟

قال : نعم ، لأنه ليس دينا بدين .

قلت : وكذلك لو كانت الكتابة دراهم ففسخها في دنانير إلى أجل لم يكن بذلك بأس ، قال : قال مالك : في العروض ما أخبرتك ، ولم يره من الدين بالدين ، فكذلك في الدنانير لا بأس به ، قال سحنون : إذا عجل للمكاتب العتق .

ابن وهب ، عن مالك : أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق .

ابن وهب ، عن عمر بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عباس : أنه كان لا يرى بأسا بمقاطعة المكاتب بالذهب والورق .

ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : لم يكن يتقي المقاطعة على الذهب والورق أحد إلا ابن عمر قال له : أن يعطي عرضا .

ابن وهب .

قال ابن شهاب ، وقد كان من سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاطع .

ابن وهب .

قال أسامة : وسألت عبد الله بن يزيد وغير واحد من علمائنا ، فلم يروا بذلك بأسا .

ابن وهب ، عن يونس ، عن ربيعة أنه قال : ما زال أمر المسلمين على أن يجيزوا [ ص: 461 ] مقاطعة المكاتب بما قاطع به من عرض أو فرض ذهبا أو ورقا ، وذلك أنهم يرون أن ذلك لهم مال ، أصل رقبته ورأس ماله كله وكل ما جر كسبه وعمله ، وأن الكتابة كانت رضا منهم بما رضوا به منها من أصل ما كان لهم رقبة العبد وماله ، وما أحدث من العمل الذي اكتسب فرأوا أن المقاطعة معروف يفعلونه مع معروف الكتابة قد أتوه من أصل مال هو لهم كله .

ابن وهب ، عن الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد : في مقاطعة المكاتب بالذهب والورق قد كان الناس يقاطعون ، قال مالك : الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب والورق ، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجله ما قاطعه عليه أنه لا بأس بذلك ، وإنما كره ذلك من كرهه ; لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل فيضع عنه وينقده ، وليس هو مثل الدين إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالا في أن يعجل العتق له ، فيجب له الميراث والشهادة والحد وتثبت له حرمة العتاقة ، ولم يشتر دراهم بدراهم ولا دنانير بدنانير ولا ذهبا بذهب ، وإنما هذا مثل رجل قال لغلامه : ائتني بكذا وكذا وأنت حر ، فوضع عنه من ذلك وقال : إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر ، فليس هذا دينا ثابتا إذ لو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس فدخل معهم في مال مكاتبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية