صفحة جزء
في الوضوء بسؤر الدواب والدجاج والكلاب قال وسألت مالكا عن سؤر الحمار والبغل فقال : لا بأس به .

قلت : أرأيت إن أصاب غيره ؟

قال : هو وغيره سواء .

قال : وقال مالك : لا بأس بعرق البرذون والبغل والحمار ، قال وقال مالك : في الإناء يكون فيه الماء يلغ فيه الكلب يتوضأ به رجل ؟

قال : قال مالك : إن توضأ به وصلى أجزأه ، قال : ولم يكن يرى الكلب كغيره .

قال : وقال مالك : إن شرب من الإناء ما يأكل الجيف من الطير والسباع لم يتوضأ به .

قال : وقال مالك : إن ولغ الكلب في إناء فيه لبن فلا بأس بأن يؤكل ذلك اللبن .

قلت : هل كان مالك يقول يغسل الإناء سبع مرات إذا ولغ الكلب في الإناء في اللبن وفي الماء ؟

قال : قال مالك : قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته ، قال : وكأنه كان يرى أن الكلب كأنه من أهل البيت وليس كغيره من السباع ، وكان يقول : إن كان يغسل ففي الماء وحده وكان يضعفه ، وكان يقول : لا يغسل من سمن ولا لبن ويؤكل ما ولغ فيه من ذلك وأراه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى الكلب ولغ فيه .

قلت : أرأيت إن شرب من اللبن ما يأكل الجيف من الطير والسباع والدجاج التي تأكل النتن أيؤكل اللبن أم لا ؟

قال : [ ص: 116 ] أما ما تيقنت أن في منقاره قذرا فلا يؤكل ، وما لم تره في منقاره فلا بأس به وليس هو مثل الماء لأن الماء يطرح ولا يتوضأ به .

قال سحنون : أخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وبكير بن عبد الله بن الأشج أنهما كانا يقولان : لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل سؤر الحمير والبغال وغيرهما من الدواب . وقال ابن شهاب مثله في الحمار . وقال عطاء بن أبي رباح وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو الزناد في الحمار والبغل مثله ، وتلا عطاء قول الله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة }

وقاله مالك من حديث ابن وهب . قال علي بن زياد عن مالك : في الذي يتوضأ بماء قد ولغ فيه الكلب ثم صلى ، قال : لا أرى عليه إعادة وإن علم في الوقت ولا غيره .

قال علي وابن وهب عن مالك : ولا يعجبني الوضوء بفضل الكلب إذا كان الماء قليلا ، قال : ولا بأس به إذا كان الماء كثيرا كهيئة الحوض يكون فيه ماء كثير أو بعض ما يكون فيه من الماء الكثير .

قال ابن وهب عن ابن جريج : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد ومعه أبو بكر وعمر على حوض فخرج أهل الحوض فقالوا : يا رسول الله إن الكلاب والسباع تلغ في هذا الحوض ، فقال : لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا } .

وأخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال عمر : لا تخبرنا يا صاحب الحوض فإنا نرد على السباع وترد علينا فالكلب أيسر مؤنة من السباع ، والهر أيسرهما لأنه مما يتخذه الناس .

قال ابن القاسم وقال مالك : لا بأس بلعاب الكلب يصيب الثوب وقاله ربيعة .

وقال ابن شهاب : لا بأس إذا اضطررت إلى سؤر الكلب أن يتوضأ به ، وقال مالك : يؤكل صيده فكيف يكره لعابه ؟

قلت : فالدجاج المخلاة التي تأكل الجيف إن شربت من إناء فتوضأ به رجل أعاد ما دام في الوقت فإن مضى فلا إعادة عليه قال : نعم وإن كانت الدجاج مقصورة فهي بمنزلة غيرها من الحمام وما أشبه ذلك لا بأس بسؤرها ؟

قال : نعم ، قال : وقد سألنا مالكا عن الخبز من سؤر الفأرة ، قال : لا بأس به ، قال : فقلنا له : هل يغسل بول الفأرة يصيب الثوب ؟

قال : نعم ، قال : وسألنا مالكا عن الدجاج والإوز تشرب في الإناء أيتوضأ به ؟

قال : لا إلا أن تكون مقصورة لا تصل إلى النتن وكذلك الطير التي تأكل الجيف .

قال ابن القاسم : ولا أرى يتوضأ به وإن لم يجد غيره وليتيمم إذا علم أنها تأكل النتن .

قال : وقال مالك : وإن كانت مقصورة فلا بأس بسؤرها .

قال : وسألت ابن القاسم عن خرء الطير والدجاج التي ليست بمخلاة تقع في الإناء فيه الماء ما قول مالك فيه ؟

قال : كل ما لا يفسد الثوب فلا يفسد الماء ، وأن [ ص: 117 ] ابن مسعود ذرق عليه طائر فنفضه بإصبعه من حديث وكيع عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي عثمان النهدي .

قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه كان يكره فضل الدجاج . قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب في الإوز والدجاج مثله . وقال الليث بن سعد مثله .

وقال مالك : إذا كانت بمكان تصيب فيه الأذى فلا خير فيه وإذا كانت بمكان لا تصيب فيه الأذى فلا بأس به .

قال وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي : رأيت طائرا ذرق على سالم بن عبد الله فمسحه عنه من حديث ابن وهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية