صفحة جزء
الاشتراء من أهل الحرب أولادهم إذا نزلوا بأمان .

قلت : أرأيت القوم من أهل الحرب تجارا يدخلون بلادنا بأمان فيبيعوننا أولادهم ونساءهم وأمهات أولادهم أنشتريهم منهم أم لا ؟ قال : سئل مالك عن القوم من أهل الحرب يقدمون بأبنائهم أفنبتاعهم منهم ؟ فقال مالك : أبينكم وبينهم هدنة قالوا : لا ، قال : فلا بأس بذلك .

قلت : فما معنى قول مالك إن الهدنة إذا كانت بيننا وبينهم في بلادهم ، ثم قدم علينا بعضهم فأرادوا أن يبيعونا أولادهم فهؤلاء الذين لا يجوز لنا أن نشتريهم منهم قال : نعم .

قلت : وأما من لا هدنة بيننا وبينهم في الأصل إذا قدم علينا تاجر فنزل بأمان أعطيناه أنه لا بأس أن نشتري منه أولاده إذا كانوا صغارا معه وأمهات أولاده ؟ قال : نعم ، وهذا قول مالك الذي أخبرتك .

قال : وسمعنا مالكا يقول لصغارهم من العهد مثل ما لكبارهم .

قلت : أرأيت الحربي يقدم بأم ولده أو بابنه أو بابنته فيبيعهم أيصلح لنا أن نشتريهم منهم ؟ قال : سمعت مالكا وسئل عن أهل الحرب هل نشتري منهم أبناءهم ؟ فقال مالك : ألهم عهدا وذمة قالوا : لا ، قال مالك : فلا بأس باشتراء ذلك منهم .

قلت : إنما سألتك عنهم إذا نزلوا بلادنا فأعطيناهم العهد على أن يبيعوا تجارتهم وينصرفوا ، أيكون هذا عهدا يمنعنا من شراء أولادهم وأمهات أولادهم منهم في قول مالك أم لا ؟

قال : لم يكن محمل قول مالك عندي حين قال : أبينكم وبينهم عهد إلا أنهم قدموا علينا تجارا وليس يلتقي أهل الإسلام وأهل الحرب إلا بعهد ، ألا ترى أن الداخل عليهم أيضا إن كان هذا المسلم هو الداخل عليهم بلادهم فإنه لا يدخل عليهم إلا بعهد ، فقد جاز لهذا أن يشتري منهم ممن ذكرنا عن مالك فقد دخل عليهم بعهد فكذلك هم إذا خرجوا ، فكان لهم العهد فلا بأس أن يشتري منهم من ذكرت من الأبناء والآباء وغيرهم .

[ ص: 299 ] قلت : فالعهد الذي ذكره مالك وقال : اللهم عهدا قالوا : لا ما هذا العهد ؟

قال : إذا كان العهد بيننا وبينهم وهم في بلادهم على أن لا نقاتلهم ولا نسبيهم أعطونا على ذلك شيئا أو لم يعطونا ، فهذا العهد الذي ذكره مالك وليس العهد الذي ينزلون به ليبيعوا تجارتهم يشبه هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية