صفحة جزء
الجمع بين الأم وولدها في البيع . لو أن أمة لرجل أجنبي من الناس ، وابن لها صغير لرجل أجنبي من الناس أيضا أيجبران جميعا على أن يجمعا بينهما في قول مالك ؟

قال : قال مالك : نعم يجبران جميعا على أن يجمعا بينهما أو يبيعانهما جميعا ولا يفرق بينهما .

قلت : أرأيت إن هلك رجل وترك ابنين وترك أمة وولدها صغارا فأراد الابنان أن [ ص: 303 ] يبيعا الأم وولدها أو يدعا الأم وولدها على حالها بينهما ؟ قال : لا بأس بذلك حتى إذا أرادا القسمة أو البيع أجبرا على أن يجمعا بينهما وقد فسرت لك ذلك عن مالك .

قلت : أرأيت لو أن رجلين اشتريا أمة ، وولدها صغار صفقة واحدة أكنت تجبرهما على أن يبيعا أو يشتري كل واحد منهما حصة صاحبه ؟ قال : لا ولكنهما يقران ولدها بحال ما اشتريا .

قلت : فلو أن رجلا له أمة وولدها صغار فباع الولد السيد أيجوز البيع في قول مالك ؟ ويأمرهما بأن يجمعا بين الولد وبين الأم أم ينتقض البيع ؟

قال : قال مالك : لا ينبغي له أن يبيع الولد دون الأم .

قلت : فإن فعل ؟

قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، وأرى أن يفسخ البيع إلا أن يجمع بينهما في ملك واحد .

قال : وسئل مالك عن أخوين ورثا أمة وولدها صغيرا فأرادا أن يتقاوما الأم وولدها فيأخذ أحدهما الأم والآخر الولد ولا يفرق بين الولد والأم حتى يبلغ الولد ويشترطان ذلك ؟ قال : قال مالك : لا يجوز ذلك لهما إلا أن تقوم الأم وولدها فيأخذها هذا بولدها أو يأخذها هذا بولدها أو يبيعان جميعا في سوق المسلمين ، ولا يجوز أن يتقاوماهما فيأخذ هذا الأم ويأخذ هذا الولد ، وإن اشترطا أن لا يفرق بينهما فلا يجوز ذلك ولو كان الأخوان في بيت واحد . ونزلت بالمدينة فسئل مالك عنها فقال فيها مثل الذي أخبرتك .

قلت : والهبة للثواب في هذا تصير مثل البيع سواء ؟

قال : نعم .

قال سحنون : وقد حدثني أنس بن عياض الليثي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم عليه السبي صفهم فقام ينظر إليهم فإذا رأى امرأة تبكي قال : ما يبكيك ؟ فتقول : بيع ابني ، بيعت ابنتي فيأمر به فيرد إليها } .

وذكر ابن وهب ، عن ابن أبي ذئب وأنس بن عياض ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده { أن أبا أسيد الأنصاري قدم بسبي من البحرين فصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام ينظر إليهم ، فإذا امرأة تبكي فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك ؟ فقالت : بيع ابني في بني عبس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد : لتركبن فلتجئني به كما بعته بالثمن فركب أبو أسيد فجاء به . ابن لهيعة } ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن يونس بن عبد الرحمن { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب على سرية فأصابوا سبيا فأصابتهم حاجة ومخمصة [ ص: 304 ] فابتاع أعنزا بوصيفة ولها أم ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره فقال : أفرقت بينها وبين أمها يا علي فاعتذر فلم يزل يردد عليه حتى قال : أنا أرجع فأستردها بماعز وهان قبل أن يمس رأسي الماء } .

ابن أبي ذئب ، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة ، عن أبيه ، عن جده ضميرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأم ضميرة وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك أجائعة أنت أم عارية أنت ؟ فقالت : يا رسول الله فرق بيني وبين ابني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يفرق بين الوالدة وولدها ، ثم أرسل إليه الذي عنده ضميرة فدعاه فابتاعه منه ببكر } .

قال ابن أبي ذئب : ثم أقرأني كتابا عنده . ابن وهب ، عن ابن أبي ذئب ، عمن سمع سالم بن عبد الله يذكر عن أبيه أنه قال : لا يجوز أن يفرق بين الأم وولدها فقال سالم : وإن لم يعتدل القسم ؟ قال عبد الله : وإن لم يعتدل القسم . وأخبرني عن الليث بن سعد قال : أدركت الناس وهم يفرقون بين الأخوين في البيع وبين الوالد وولده ولا يفرقون بين الأم وولدها حتى يبلغ . قال : فقلت له : وما حد ذلك ؟

قال : حده أن ينفع نفسه ويستغني عن أمه فوق عشر سنين أو نحو ذلك ، وسألت مالكا عن الحديث الذي جاء : { لا توله والدة على ولدها } فقال لي مالك : أما نحن فنقول : لا يفرق بين الوالدة وولدها حتى يبلغ .

قال : فقلت لمالك : وما حد ذلك ؟

قال : إذا أثغر . فقلت لمالك : أرأيت الوالد وولده قال : ليس من ذلك في شيء

التالي السابق


الخدمات العلمية