صفحة جزء
قلت : وإنما كره مالك بيع بئر الماشية أن يباع ماؤها أو يباع أصلها ؟ قال : نعم . قلت : وأهلها أحق بمائها حتى إذا فضل عنهم كان الناس فيه أسوة ؟

قال : نعم .

قلت : فكان مالك يكره بيع آبار الشفة ؟ قال : قال مالك : إن كانت البئر في داره أو أرضه لم أر بأسا أن يبيعها ويبيع ماءها .

[ ص: 313 ] قلت : وكان مالك يجعل صاحبها أحق بمائها من الناس ؟

قال : نعم .

قلت : فالمواجل أكان مالكا يجعل ربها أولى بمائها ؟

قال : أما كل من احتفر في أرضه أو داره يريده لنفسه مثل ما يحدث الناس في دورهم فهو أحق به ويحل بيعه ، وأما ما عمل من ذلك في الصحاري وفيافي الأرض مثل مواجل طريق المغرب فإنه كان يكره بيعها من غير أن يراه حراما ، وجل ما كان يعتمد عليه الكراهية واستثقال بيع مائها فقد فسرت لك ما سمعت ووجه ما سمعت منه وهي مثل الآبار التي يحتفرونها للماشية أن أهلها أحق بها حتى يرووا ويكون للناس ما فضل إلا من مر بها لسقيهم ودوابهم فأولئك لا يمنعون كما لا يمنعون من شربها منه .

قلت : أرأيت بئر الماشية أتباع في قول مالك ؟

قال : لا .

قلت : فما كان منها مما حفر في الجاهلية والإسلام في قول مالك ؟

قال : نعم .

قلت : فلو أن رجلا حفر في أرضه بئرا لماشية منع من بيعها وصارت مثل ما سواها من آبار الماشية ؟ قال : سمعت مالكا يقول : لا تباع ماء بئر الماشية وإن حفرت من قرب يريد بقوله من قرب : قرب المنازل فلا أرى أن تباع إذا كان إنما احتفرها للصدقة ، فأما ما احتفر لغير الصدقة وإنما احتفرها لمنفعته في أرضه لبيع مائها ويسقي بها ماشية نفسه فلا أرى ببيعها بأسا ، ولو منعته بيع هذه لمنعته أن يبيع بئره التي احتفر في داره لنفسه ومنافعه ، وأما التي لا يباع ماؤها من آبار الماشية التي تحتفر في البراري والمهامه فتلك التي لا تباع ، والذين حفروها أحق بمائها حتى يرووا ، فهذا أحسن ما سمعت وبلغني .

قلت : أرأيت بئر الماشية ما كان في الجاهلية وفي الإسلام وقرب المنازل ليس أهلها أحق بمائها حتى يرووا فما فضل كان الناس فيه سواء في قول مالك ؟

قال : نعم قال مالك : ألا تسمع إلى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يمنع فضل ماء } فأهله في الحديث الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أحق به وما فضل فالناس فيه سواء ; لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : { لا يمنع فضل ماء } ، فجعل لهم أن يمنعوا ما لم يقع الفضل ، فإن وقع الفضل ، فليس لهم أن يمنعوا

التالي السابق


الخدمات العلمية