صفحة جزء
قلت : أرأيت إن باع السلطان على هذا المفلس عبده وقد كان أعتقه واقتسم الغرماء ثمنه ثم أصاب المشتري بالعبد عيبا قديما فقال رب العبد : قد كان هذا العيب به قديما وكذبه الغرماء وقد عرف أن ذلك العيب قديم ليس مما يحدث . قال : سمعت مالكا يقول في بيع السلطان : أنه بيع براءة وبيع البراءة لا يرد إلا مما علم البائع بالعبد فلم يخبره به ، فأرى هذا في مسألتك إذا كان العيب قديما قد علم البائع به ، وعلم أن البائع قد علمه رده المبتاع على البائع وأخذ الثمن من الغرماء وبيع العبد للغرماء ثانية في دينهم بعيبه بعد ذلك ، فإن كان فيه نقصان عن دين الغرماء اتبعوه بما بقي لهم من دينهم ، وإن كان للمفلس مال يوم يرد العبد عليه بعيبه أخذ الثمن من ماله ولم يتبع الغرماء بشيء وكان حرا ; لأن البيع لم يتم حين وجد به عيبا ورد ، فإن كان قد حدث به عند مشتريه عيب مفسد ولسيده مال كان بالخيار إن شاء رده وما نقصه العيب ، وإن شاء حبسه وأخذ قيمة العيب ، فإن احتبسه وأخذ قيمة العيب الذي وجد به ، فإن ذلك له ، وإن رده كان حرا إذا كان للسيد مال يوم يرده ، فإن كان سيده لا مال له فهو بالخيار إن شاء أن يحبسه ويرجع على الغرماء بقيمة العيب ، وإن شاء أن يرده وما نقص فذلك له ولا يعتق ويباع ثانية للغرماء قال : وكان مالك يقول : بيع الميراث مثل بيع البراءة يبرءون له مما لم يعلموا ، وأخبرت أنه قال : بيع السلطان أشد من بيع البراءة ، ومن بيع الميراث ، ثم سمعت أنا رجوعه عن بيع البراءة وبيع الميراث ، وإن تبرءوا مما لم يعلموا ، فإنه يرد عليهم إذا كان عيبا قديما لا يحدث مثله إلا أن يكون الشيء التافه وقوله الأول في بيع البراءة إنهم يبرءون مما لم يعلموا أحب إلي وبه آخذ .

قال : وكذلك الميراث هو أشد من بيع البراءة وإنما هذا كله في الرقيق ، وإنما البراءة فيهم وليس في الحيوان وثبت مالك على بيع السلطان أنه بيع براءة وقال : إنما كانت فيه البراءة .

قال مالك : وليس في شيء من العروض ولا في الدواب بيع براءة في ميراث ولا في غيره ، ولا في بيع السلطان وليس البراءة إلا في الرقيق وحدهم قال ابن وهب : بلغني عن ربيعة في بيع المواريث أهلها براء مما كان فيها لتفريق [ ص: 373 ] ذلك وتشتيته وكيف يغرم ولي وقد تفرق ما ولي ، أم كيف يغرم وارث وقد انطلق بالذي له فهم برآء ، وإن لم يشترطوا البراءة . قال : وأخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في الرجل : يلي للغائب ولا يريد أن يكون عليه عهدة في شيء ثم يبيع الشيء ، فالتفرقة بين الغرماء ، ومن ذلك ما ولي من وجوه الصدقة فلا يرد لتفاوت ثمن ذلك في تلك المواضع فيكون عليه التباعة ، فلذلك كان ما كان من بيع الميراث والبراءة منه لما يكون في ذلك من الوصايا وتفريق المواريث ، فمن باع على ذلك متبرئا لا يعلم شيئا فلا تباعة عليه في عهدة قديما كان أو حديثا .

قال : وسمعت ابن وهب قال : سمعت مالكا يقول في بيع الميراث : إنه لا تباعة على أهل الميراث ولا عهدة إلا أن يقيم المشتري بينة على أهل الميراث أنهم قد باعوا وعلموا بذلك ، قال مالك : ولا أعلم على أهل الميراث عهدة السنة في الرقيق ولا عهدة الثلاثة وإنما بيعهم بيع البراءة .

التالي السابق


الخدمات العلمية