صفحة جزء
القضاء في القصار يخطئ بثوب رجل فيدفعه إلى رجل آخر فيقطعه المدفوع إليه ويخيطه ولا يعلم ثم يعلم فيريد صاحبه أن يأخذه قلت : أرأيت إن دفعت إلى قصار ثوبا ليقصره فأخطأ فدفعه إلى غيري بعد ما قصره [ ص: 402 ] فقطعه الذي أخذه قميصا وخاطه ثم علمنا بذلك ، وقد كان دفع إلي ثوبا غيره فأردت أن أرد إليه الثوب وآخذ ثوبي ; قال : ذلك لك .

قلت : وإن كان الذي قطعه قد خاطه قميصا ؟

قال : نعم وإن كان قد خاطه .

قلت : فإن أراد أن لا يأخذ ثوبه وأن يضمنه القصار ؟

قال : ذلك له عند مالك .

قلت : فإن أراد أن يضمن الذي قطعه قميصا أيكون له ذلك ؟ قال : لا ، ولا يأخذه أيضا من الذي قطعه إن أراد أخذه حتى يدفع إلى الذي قطعه أجر خياطته ، فإن أبى أن يدفع الخياطة كان الذي خاطه مخيرا في أن يدفع إليه قيمة ثوبه صحيحا أو يدفعه إليه مخيطا ، فإن دفعه إليه كان صاحب الثوب بالخيار إن شاء أخذ الثوب وإن شاء ضمن القصار قيمته ، وليس خطؤه بالذي يضع عنه قيمته إذا أسلمه الذي قطعه ، قال سحنون : إذا أبى أن يعطيه أجر الخياطة لم يكن له إلا أن يضمن القصار قيمة ثوبه ، فإن ضمن القصار قيمة ثوبه قيل للقصار : أعط الخياط أجر خياطته ، فإن أبى قيل للذي خاط الثوب : أعطه قيمة ثوبه غير مخيط ، فإن أبى كانا شريكين هذا بقيمة ثوبه وهذا بخياطته .

قال : وقال مالك في رجل اشترى ثوبا فأخطأ البائع فأعطاه ثوبا غيره فقطعه المشتري وخاطه قال : إن أحب أن يأخذ ثوبه لم يكن له ذلك حتى يدفع إليه هذا أجر خياطته .

قال ابن القاسم : فأرى أن يقال لمشتري الثوب : إن أحببت فادفع قيمة الثوب صحيحا ، وإن أحببت فادفعه مخيطا ولا شيء عليك . قال : وإنما بلغني هذا عن مالك .

قلت لابن القاسم : لم لا تجعل على القصار هاهنا شيئا إذا رضي رب الثوب أن يأخذ ثوبه ويدفع أجر الخياطة ؟

قال : لأن رب الثوب إذا أخذ ثوبه لم يكن على القصار شيء .

قلت : ولم جعلت للذي قطعه ثمن خياطته وقد قلت : في الذي يغصب الثوب من الرجل فيقطعه فيخيطه قميصا : إن المغصوب إن أحب أن يأخذ قميصه ، ولا يكون للغاصب من الخياطة قليل ولا كثير ؟

قال : لأن الغاصب متعد ، ولأن هذا إنما دفع إليه الثوب ولم يتعد .

قلت : أرأيت إن كان القطع والخياطة قد نقصا الثوب فقال رب الثوب : أنا آخذ [ ص: 403 ] الثوب وما نقصه القطع والخياطة أيكون ذلك له أم لا ؟

قال : لا يكون ذلك له وليس له أن يأخذه إذا كان مخيطا إلا أن يدفع أجر الخياطة إلى الذي قطع الثوب وخاطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية