صفحة جزء
قلت : أرأيت إن اشتريت مقثأة ، وفيها بطيخ وقثاء ، فأصابت الجائحة جميع ما في المقثأة من الثمرة وهي تطعم في المستقبل ؟ قال ابن القاسم : ينظر إلى هذا البطن الأول [ ص: 585 ] الذي أصابته الجائحة ، فيعرف كم نبات ثمرته ، وتقوم أيضا فيعرف كم قيمته على غلائه ورخصه وفيما يأتي بعد ، فيعرف كم نباته وقيمته في كثرة حمله ، وينظر إلى قيمته أيضا . هكذا يقوم بطنا بعد بطن ويضم بعضه إلى بعض ، ويعرف النبات فإن كان البطن الذي أصابته الجائحة هو الثلث ، ثلث الثمرة التي اشترى ، نظر إلى ما كانت قيمة هذا البطن الذي أصابته الجائحة ، فيطرح عن المشتري قدرها من الثمن . وتفسير ذلك أنه لما أصابت الجائحة البطن الأول فيعرف قدر نبات ثمرته ، عرف قيمته في غلائه ورخصه . ثم ينظر إلى ما يأتي من نباتها في المستقبل ، فيعرف قدر كل بطن وقيمته على غلائه ورخصه ، فضمت القيمة قيمة كل بطن بعضها إلى بعض . ثم ينظر إلى البطن الذي أصابته الجائحة ما هو من جميع نبات ثمرة هذه المقثأة . فإن كان ذلك الثلث ثلث الثمرة ، وضع عن المشتري من الثمن قدر قيمته من ذلك البطن الذي أصابته الجائحة ، فإن كان ثمن ذلك نصف جميع نبات ثمرة المقثأة أو ثلثيه أو ثلاثة أرباعه أو أقل أو أكثر ، طرح من الثمن بقدر ذلك ، وسواء كان الذي أصابت الجائحة منه في أول أو في آخر أو في وسط .

إنما ينظر ، فإن كان الذي أصابت الجائحة في وسط نظر إلى ما كان أكل المشتري فعرف قدر نباته وقيمته في غلائه ورخصه ، وينظر إلى الذي أصابت الجائحة ، فيعرف قدر نباته وقيمته . وينظر إلى الذي يأتي بعد ذلك حتى تنقطع المقثأة . فإن كان الذي أصابت الجائحة هو ثلث نبات الثمرة ، قيل كم قيمة الذي أصابت الجائحة من جميع القيمة ؟ فإن كان ذلك نصف القيمة أو ثلثيها ، وضع عن المشتري من الثمن نصفه أو ثلثاه ، لأنه قد عرف ما أكل المشتري وما أصابت الجائحة وما جاء بعد ذلك ، فلما كان ذلك ثلث الثمرة وقد كنت أقمت من ذلك البطن الذي أصابت الجائحة ، والذي أكل المشتري والذي جاء بعد ذلك ، فعرفت قيمة ذلك في قدر غلاء أوله وآخره ورخصه ورغبة الناس فيه ، فوضعت عن المشتري من الثمن بقدر قيمة الجائحة . وتفسير ذلك لو أن رجلا اشترى مقثأة بمائة دينار وخمسين دينارا ، وأصابت الجائحة بطنا منها الأول أو الأوسط الآخر ، أنها إن كانت أول البطن الذي أصابته الجائحة ، عرف قدر نباته أقيم . فإن كانت قيمته مائة دينار وعرف ناحية نباته ، نظر إلى الذي يأتي بعد ، فيقام بطنا بعد بطن على ما فسرت لك من رغبة الناس فيه ورخصه وغلائه ، فإن كانت قيمة هذا البطن الثاني ستين دينارا وقد عرف ناحية نباته أيضا ، نظر إلى البطن الثالث فأقيم أيضا . فإن كانت قيمته أربعين دينارا وانقطعت الثمرة فلم يكن فيها إلا ثلاثة بطون وقد عرف ناحية البطن الآخر ، قيل انظروا كم ثمرة كل بطن بعضه من بعض ، فإن قالوا : النبات في كل بطن في الثمرة سواء ، فالذي أصابت الجائحة هو الثلث من الثمرة وقيمته مائة دينار ، وقيمة البطن الثاني ستون دينارا والآخر أربعون دينارا ، فذلك مائتا دينار .

وقد [ ص: 586 ] كان الشراء بخمسين ومائة دينار . قلنا : فانظروا إلى مبلغ البطن الذي أصابت الجائحة وهو ثلث الثمرة ، فإذا هو مائة دينار . قلنا : فأي شيء مائة دينار من جميع قيمة المقثأة ؟ قيل : النصف ، لأن البطن الأول الذي كانت فيه الجائحة قيمته مائة دينار ، والثاني ستون دينارا ، والآخر أربعون دينارا ، فذلك مائتا دينار . فقد صار قيمة الذي أصابته الجائحة من جميع قيمة المقثأة النصف . قلنا : فارجع على البائع بنصف الثمن إن كنت نقدته الثمن ، وإن كنت لم تنقده الثمن ، فعلى هذا فقس جميع ما يرد عليك من هذا

التالي السابق


الخدمات العلمية