صفحة جزء
[ ص: 595 ] في الصانعين يشتركان بعمل أيديهما قلت : أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والخرازين والصواغين والسراجين والفرانين وما أشبه هذه الأعمال ، هل يجوز لهم أن يشتركوا ؟ قال : قال مالك : إذا كانت الصناعة واحدة ، خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين ، اشتركا جميعا على أن يعملا في حانوت واحد ، فذلك جائز . ولا يجوز أن يشتركا فيعملان هذا في حانوت ، وهذا في حانوت ، أو هذا في قرية ، وهذا في قرية أخرى ، ولا يجوز أن يشتركا ، وأحدهما حداد والآخر قصار ، وإنما يجوز أن يكونا حدادين جميعا أو قصارين جميعا على ما وصفت لك . قلت : أرأيت إن اشتركا على عمل أيديهما وهما قصاران ولا يحتاجان إلى رأس مال ، فاشتركا على أن على هذا من العمل الثلث ، وعلى هذا الثلثين ، على أن لصاحب الثلث من كل ما يصيبان الثلث ، ولصاحب الثلثين من كل ما يصيبان الثلثين ، وعلى أن على صاحب الثلث ثلث الضياع ، وعلى صاحب الثلثين ثلثي الضياع ؟ قال : قال مالك : لا بأس بذلك . مثل الشركة في الدراهم . لأنهما إذا اشتركا بعمل أيديهما ، جعل عمل أيديهما مكان الدراهم . فما جاز في الدراهم جاز في عمل أيديهما . قلت : وكذلك إن اشترك جماعة قصارون ، أو جماعة حدادون في حانوت واحد في قول مالك ؟ قال : نعم . قلت : أرأيت إن احتاج الصباغون إلى رأس مال أو أهل الأعمال ممن سواهم ، كيف يشتركان ؟ قال : يخرجان رأس المال بينهما بالسوية ، فيشتركان في أعمالهما يعملان جميعا . قلت : فإن أخرج أحدهما من رأس المال الثلثين ، وأخرج الآخر من رأس المال الثلث ، على أن يعملا جميعا فما أصابا فهو بينهما نصفين ؟ قال : لا تجوز هذه الشركة عند مالك ، وإن اشتركا فأخرج أحدهما الثلث من رأس المال ، والآخر الثلثين ، فاشتركا على أن على صاحب الثلثين من العمل الثلثين ، وعلى صاحب الثلث من العمل الثلث ، والربح بينهما على الثلث والثلثين : لصاحب الثلث الثلث ، ولصاحب الثلثين الثلثان ، فذلك جائز عند مالك .

وقال مالك في الرجلين يشتركان على أن يخرج أحدهما الثلث من رأس المال ، ويخرج الآخر الثلثين ، على أن العمل عليهما نصفان والربح بينهما نصفان ، قال مالك : لا خير في هذه الشركة . قال وإن اشتركا على أن يكون من عند أحدهما ثلثا رأس المال ، ومن الآخر الثلث ، على أن على صاحب الثلثين ثلثي العمل ، وعلى صاحب الثلث ثلث العمل ، والربح بينهما على الثلث والثلثين ، لصاحب الثلثين الثلثان ولصاحب الثلث الثلث ، والوضيعة بينهما على ذلك ، قال مالك : هذا جائز ، وكذلك الشريكان في القصارة والخياطة والصباغة وجميع أهل الأعمال الذين يعملون بأيديهم ، إذا احتاجوا إلى رأس مال يعملون به مع عملهم بأيديهم . قال ابن القاسم : ومن الأعمال أعمال لا يحتاجون فيها إلى رأس مال ، فلا بأس أن يشتركوا في عمل أيديهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية