صفحة جزء
قلت : أرأيت إن اشتركا بسلعتهما ، على أن الربح بينهما نصفين ، والوضيعة عليهما نصفين ، وعلى أن يكون رأس المال من كل واحد منهما بالسوية ، واشتركا في هاتين السلعتين ، فلما قوما السلعتين ، كانت إحداهما الثلثين والأخرى الثلث ، كيف يصنعان ؟ وكيف تقع الشركة بينهما في قول مالك ؟ قال : إن كانا لم يعملا ، وأدركت السلعتان ردتا إلى صاحبيهما وفسخت الشركة فيما بينهما ، وإن فاتت السلعتان كانا على الشركة على ما بلغته كل سلعة ، ويعطى القليل الرأس المال أجره في الزيادة التي عمل فيها مع صاحبه . وإن كانت وضيعة فضت الوضيعة على جميع المال ، فما أصاب الكثير الرأس المال كان على صاحب الكثير رأس المال ، وما أصاب القليل كان على القليل الرأس المال ، والربح إن كان فكذلك أيضا لأن رأس مالهما كان على ما بلغته سلعتاهما ، ولم يكن على ما شرطا ولا يكون على صاحب السلعة القليلة ضمان في فضل سلعة صاحبه على سلعته وليس فضل سلعة صاحبه مما وقع بينهما فيه بيع .

ومما يبين لك ذلك أن مالكا قال في الرجل يأتي بمائة ويأتي رجل آخر بمائتين ، فيشتركان على أن الربح بينهما ، والنقصان عليهما بالسوية والعمل عليهما بالسوية ، قال مالك : الوضيعة على قدر رءوس أموالهما ، والربح على قدر رءوس أموالهما . ويعطى صاحب المائة أجر مثله ، فيما أعان صاحب المائتين في فضل المائتين ولم يجعلها سلفا ، وإنما أعطاه إياها على أن يشاركه . ولو كان سلفا لكان له ربح الخمسين التي أعطاه إياها ، حتى يساويه في رأس المال ، ولكان ضامنا أيضا للخمسين . وتكون أيضا شركة فاسدة ، لأنها شركة وسلف . وقال مالك : أراه إنما أسلفه الخمسين ، على أن أعانه بالعمل . قال : فأراه مفسوخا لا ضمان عليه في الخمسين ، وضمان الخمسين على صاحب المائتين وربحها له ووضيعتها عليه ، ويكون عليه لصاحب المائة أجره فيما أعانه فيها . فلو كانت الدنانير تكون هاهنا عند مالك سلفا ، لكان يكون ضمانها منه إن جاء بنقصان ، ولكان المتاع في الشركة الأولى تبعا ، يلزم القليل الرأس المال بنصف قيمة ما يفضله به صاحبه . فلما لم يضمن مالك [ ص: 606 ] الشريكين في العين - إذا فضل فضل أحدهما - ولم يجعله سلفا ، وأسقط عنه الضمان ، وجعل له الأجر ، أسقطت أنا عنه نصف قيمة فضل المتاع ، وأعطيته لعمله في ذلك مع شريكه نصف عمل مثله ، ولم أره بيعا

التالي السابق


الخدمات العلمية