صفحة جزء
قلت : أرأيت إن أخذت مالا قراضا بالفسطاط ، ولي أهل بالمدينة وأهل بالفسطاط ، فكنت أتجر فيما بين المدينة والفسطاط ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا قال : من أخذ مالا قراضا في بلد ليس فيه أهله ، ثم خرج إلى البلد الذي فيه أهله فتجر هناك . قال : قال مالك : فلا نفقة له في ذهابه إلى أهله ، ولكن له النفقة في رجوعه . وأرى في مسألتك أن لا يكون لهذا نفقة ، لا في ذهابه ولا في رجوعه ; لأنه ذهب إلى أهله ورجع إلى أهله . قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران ، أنه سأل القاسم وسالما عن المقارض ، أيأكل من القراض ويركب أو من ماله ؟ فقالا : يأكل ويكتسي ويركب من القراض ، إذا كان ذلك في سبب القراض ، وفيما ينبغي له بالمعروف . قال ابن وهب : وأخبرني الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال : ذلك إذا كان المال يحمل ذلك ، ثم يقتسمان ما بقي بعد الزكاة والنفقة وأخبرني ابن وهب عن ابن لهيعة عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول : لولا أن المقارض يأكل من المال ويكتسي ، لم يحل له القراض وقال مالك : إذا كان المال كثيرا ، فإنما يكون طعام العامل وكسوته ونفقته من المال في غير سرف ، إذا كان المال يحمل ذلك ، ولا يحسب ذلك في ربح العامل ، ولكن بلغني ، وقال الليث مثله . إذا سافر الرجل في المال ، وإن كان حاضرا بالبلد [ ص: 635 ] يشتري ويبيع ، فلا يستنفق إلا أن يشتغل في السوق يشتري ويبيع ، يمنعه أن ينقلب إلى أهله فلا بأس أن يتغدى بالأفلس . قال ابن وهب : وأخبرني بشر ومسلمة أنهما سمعا الأوزاعي يقول : سألت رجلا من أهل العلم عن الرجل يأخذ المال مضاربة ، ما يصلح له أن يأكل منه ؟ قال : مثل الذي يأكل في أهله في غير إسراف ، ولا يضر بنفسه ، ولا يهدي منه هدية ، ولا يصنع منه طعاما يدعو عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية