صفحة جزء
قلت : أرأيت إن شهد رجلان أن لهما ولفلان معهما على فلان ألف درهم ، أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين في قول مالك ؟

قال : لا . قال : وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل إذا شهد لرجل في ذكر حق له فيه شيء : [ ص: 30 ] لم تجز شهادته لا له ولا لغيره ، وهذا مخالف للوصية . لو شهد رجل على وصية قد أوصي له فيها بشيء ، فإن كان الذي أوصى له به شيئا تافها لا يتهم عليه ; جازت له ولغيره ، وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها بالتهمة .

ولو أن رجلا شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم ، لم تجز شهادته في العتق وحده للشبهة ، وجازت في الوصايا للقوم مع أيمانهم . وإنما ترد شهادته إذا شهد له ولغيره في كتاب ذكر حق وله فيه حق ، فهذا الذي ترد شهادته له ولغيره ، وهذا أحسن ما سمعت .

قلت : فإن أحلفتهم مع الشاهد في الوصية وفيها العتق والثلث لا يحمل ذلك ؟

قال : فإنما يكون لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق .

قال : وقال مالك في رجل هلك ، فشهد رجل أنه أوصى لقوم بوصايا ، وأوصى للشاهد منها بوصية ، وأوصى إلى الشاهد وهو يشهد على جميع ذلك ، فسمعت مالكا يقول : إذا كان الذي يشهد به لنفسه أمرا تافها لا يتهم على مثله ، رأيت شهادته جائزة . قال : وأخبرني بعض من أثق به ، أن مالكا قال : لا تجوز شهادته هذه له ولا لغيره ; لأنه إذا كان يتهم ; لأنه إذا ردت شهادته في بعض حتى يكون فيها متهما ردت كلها .

قال سحنون : وقد روي في هذا الأصل اختلاف عن مالك وغيره وسأذكره .

قال ابن وهب : وقال يحيى بن سعيد في رجل شهد في وصية رجل ، وقد أوصى له ببعض الوصية ، قال : إن كان وحده ليس معه شاهد في الوصية غيره ، لم تجز شهادته لنفسه . وإن كان معه شاهد آخر يشهد له جازت شهادته لنفسه ولغيره . وإن كان وحده جازت شهادته لمن شهد له وردت شهادته عن نفسه .

قال ابن وهب : وسألت عنها مالكا فقال : لا تجوز شهادته لنفسه ، ولا تجوز شهادة الرجل له ، ولا تجوز شهادة الموصي له ولا لغيره .

ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد ، أنه سئل عن رجال كانوا من قبائل شتى ، كانوا في سفر فتوفي أحدهم . فأوصى القوم بوصايا من ماله ليس لهم شهداء على ما أوصى به لهم إلا بعضهم لبعض ، فقال : إنه لا تجوز شهادتهم بعضهم لبعض إلا أن يشهد لهم من ليس له في الوصية حق ، أو يشهدوا غيرهم .

ابن وهب . وقال مالك : لا تجوز شهادة الموصى له وإن كان طالب الحق غيره ، ولا الموصى إليه ولصاحبه ; لأن في شهادته جرا إلى نفسه . ولو جازت شهادته لجاء رجلان قد شهدا على الوصية . فشهدا أنه أوصى لهما فيثبت حق كل واحد منهما بشهادة صاحبه مع يمينه ، ففي هذا بيان من هذا وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية