1. الرئيسية
  2. المدونة
  3. كتاب الكفالة والحمالة
  4. القوم يتحملون بالحمالة فيعدم المطلوب فيريد طالب الحق أن يأخذ من وجد من الحملاء بجميع الحق
صفحة جزء
قلت : أرأيت إن تكفل ثلاثة رجال لرجل بحقه الذي له على فلان ، أيكون له أن يأخذ من لقي منهم بجميع الحق ؟

قال : لا ، إلا أن يكونوا تحملوا بذلك الحق . وبعضهم أيضا حملاء عن بعض واشترط عليهم أن يأخذ من شاء منهم بحقه . فإن كانوا هكذا ، أخذ من لقي منهم بجميع حقه ، وإن لم يكن بعضهم حميلا عن بعض ، لم يكن له أن يأخذ من لقي منهم إلا بثلث المال .

قال ابن القاسم : قال مالك : وإذا اشترط عليه أن يأخذ من شاء منهم بحقه ، فأخذ منهم بالحق رجلا ، لم يكن لهذا الذي أخذه بجميع الحق أن يرجع على من تحمل معه ، إلا أن يكونوا اشترطوا عند الحمالة أن بعضهم حملاء عن بعض ، واشترط الذي له الحق أن يأخذ من شاء بالجميع فأخذ بذلك أحدهم ، فإنه ههنا يرجع منهم من غرم على صاحبيه بثلثي ما غرم ، إذا كان في أصل الحمالة بعضهم حملاء عن بعض .

قال ابن القاسم : ولو كانوا كلهم حضروا وكلهم مياسير ، لم يكن له أن يأخذ من كل واحد إلا ثلث الحق ، وهذا بمنزلة الحميل والذي عليه الأصل ; لأنه إذا كان الذي عليه الأصل موسرا لم يؤخذ الحميل ، وإن كان معدما أخذ الحميل ، وإن كان بعض الحملاء معدما وبعضهم موسرا أخذ الذي له الحق حقه من الذي وجده مليا منهم إلا أن يكون شرط عليهم في الحمالة أنه يأخذ من شاء بحقه ، فيكون له أن يأخذ بعضهم بالجميع وإن كانوا كلهم مياسير .

قال ابن وهب : وقال مالك : إن من أمر الناس الجائز عندهم ، أن الرجل يكتب حقه على الرجلين ، فيشترط أن حيكما عن ميتكما ، ومليكما عن معدمكما وإنما ذلك بمنزلة الحمالة يتحمل بها أحدهما عن صاحبه .

قال : ابن وهب : وأخبرني الثقة عن عطاء بن أبي رباح أنه قال نحو ذلك . وقال غيره : وإذا كان لرجل ستمائة درهم على ستة رجال ، على أن بعضهم حملاء عن بعض بجميع المال ، أو قال : على أن كل واحد منهم حميل عن أصحابه بجميع [ ص: 105 ] المال ، أو قال : على أن كل واحد منهم حميل بجميع المال ، ولم يذكر أصحابه بشيء ، أو قال : على أن كل واحد منهم حميل عن صاحبه بجميع المال ، فأيهم شاء أن يأخذ بجميع حقه ; أخذ .

قال في ذلك كله : ولا براءة لواحد منهم حتى يوفي جميع هذا المال أو لم يقله فهو سواء كله . وله أن يأخذ منهم من لقي بجميع الحق فإن لقي واحدا منهم ، أو لقيهم جميعا ، كانوا مياسير كلهم أو بعضهم وإن لم يكن شرط ، فأيهم شاء أن يأخذ بحقه أخذه ، فإنه إن لقي واحدا منهم فله أخذه بجميع الحق ، وإن لقيهم جميعا - وهم مياسير - فليس له أن يأخذ بعضهم ببعض ; لأن الحميل لا يؤخذ بالذي على المديان ، إذا كان المديان حاضرا مليا ، وإنما له أخذه إذا كان المديان عديما أو غائبا أو يكون مديانا أو ملدا ظالما .

فإن لقي الغريم واحدا من الستة فأخذ منه المال كله ، ثم لقي المأخوذ منه المال كله أحد الستة بعد ذلك ، فإنه يأخذ منه مائة أداها عنه خاصة ، ويأخذ منه مائتين ; لأنهما حميلان عن الأربعة ، وقد كان أدى عن نفسه مائة لا يرجع بها على أحد ، وأخذ من هذا الذي لقي مائة أداها عنه وبقيت أربعمائة أداها عن الأربعة الباقين ، فله أن يرجع على هذا بنصف الأربعمائة ; لأنهما حميلان عن الأربعة . فإذا أخذ منه مائتين فقد استويا في الغرم ، فإن لقي أحدهما أحد الأربعة الباقين ، فإنه يأخذه بخمسين درهما قضاها عنه خاصة من الدين الذي له عليه ، ويرجع عليه بنصف ما أدى عن الثلاثة ، وقد أدى عن الثلاثة بالحمالة خمسين ومائة ، فيرجع عليه بنصفها ، فيكون جميع ذلك مائة وخمسة وعشرين ، خمسين عنه خاصة أداها عنه وخمسة وسبعين عنه بالحمالة عن الثلاثة .

وكذلك إذا لقي الرابع المأخوذ منه المال الثالث من الباقين ، فإنه يأخذه بما أدى عنه من أصل الدين وبنصف ما أدى عن أصحابه ، فإن لقي الرابع المأخوذ منه الآخر من الأولين ، الذي لم يرجع على الرابع ; فإنه يرجع عليه بما أدى عنه من أصل الدين . وذلك خمسون درهما . وينظر ما بقي مما أداه بالحمالة عنه ، فإذا هي خمسون ومائة درهم ، وقد أدى الرابع بالحمالة خمسة وسبعين درهما ، فيرجع عليه الذي أدى خمسين ومائة بسبعة وثلاثين ونصف ، حتى يعتدلا بما أديا في الحمالة عن الثلاثة ، فيصير كل واحد قد أدى مائة واثني عشر ونصفا . فعلى هذا يكون ، إذا لقي بعضهم بعضا حتى يؤدي كل واحد منهم مائة ; لأن كل واحد كان عليه من أصل الدين مائة ، فخذ هذا الباب على هذا ونحوه . ولو أن هؤلاء الستة الذين عليهم ستمائة درهم . تحمل بها بعضهم عن بعض . على أن كل اثنين منهم حميلان بجميع المال ، أو قال : على أن كل اثنين حميلان عن أصحابهما بجميع الدين ، أو كل اثنين حميلان عن اثنين منهم بجميع المال ، أو على أن [ ص: 106 ] كل اثنين ضامنان عن واحد بجميع المال على ما وصفت لك في صدر المسألة ، فهذا كله سواء . فإن لقي رب المال اثنين منهم أخذ منهما الجميع : ثلثمائة ثلثمائة ، وإن لقي واحدا منهم أخذه بثلثمائة وخمسين : مائة منها عليه من أصل الدين ، وخمسون ومائتان عن الحمالة ; لأنه كفيل بنصف ما بقي . فإن أخذ ذلك منه ، ثم لقي المأخوذ منه رجلا من الستة ، كان له أن يأخذ منه خمسين أداها عنه من دينه خاصة ، ثم يأخذه بنصف المائتين اللتين أدى عن الحمالة ; لأن المؤدي الأول أدى عن نفسه مائة لا يرجع بها على أحد ، وأدى خمسين ومائتين عن أصحابه ، عن كل واحد منهم خمسين خمسين . فإن لقي واحدا منهم ، أخذ منه خمسين أداها عنه عن أصل دينه ، ثم يشاركه فيما بقي مما أدى عن أصحابه وذلك مائتان ; لأن كل اثنين حميلان بجميع المال .

وهذا بمنزلة ستة رجال عليهم ستمائة درهم ضمنوها لصاحبها ، على أن كل واحد منهم ضامن لنصف جميع المال . فإذا لقي صاحب الدين واحدا منهم ; أخذه بحصته من الدين ، وذلك مائة ، وبنصف ما على أصحابه فهذا والأول سواء . فإن لقي صاحب الدين واحدا منهم أخذ منه ، ثلثمائة وخمسين ثم إن لقي المأخوذ منه أحدا من أصحابه ; أخذه بخمسين أداها عنه ، وبمائة درهم مما أدى عنه من أصحابه ، فإن لقي المؤدي الثاني أحدا من الأربعة الباقين ، أخذه بخمسة وعشرين أداها عن خاصة نفسه ، وبنصف ما بقي من المائة حتى يستووا في الغرم عن أصحابهم ، وذلك نصف خمسة وسبعين درهما ، وكذلك من لقوا من أصحابهم على ما وصفت لك ، فخذ هذا على هذا .

قال : ولو كانت الستمائة على ستة رجال . على أن كل ثلاثة حملا عن ثلاثة بجميع المال ، أو على أن كل ثلاثة حملاء عن صاحبهم ، أو عن أصحابهم ، أو عن واحد بجميع المال ، أو على أن كل واحد حميل بثلث المال ، فهذا كله سواء . فإن لقي ثلاثة أخذهم بجميع المال ، وإن لقي واحدا أخذه بمائة وبثلث ما بقي ، وذلك مائة وستة وستون وثلثان .

وإن لقي اثنين ; أخذ منهما مائتين : ما عليهما خاصة وثلثي ما بقي مما تحملا به ، وليس له أخذهما بغير ذلك ، وذلك مائتان وستة وثلاثون وثلثا درهم . فإن لقي الثلاثة أخذهم بجميع المال ، فإن أخذه منهم ، ثم لقي واحدا منهم أحد الثلاثة الذين لم يؤدوا ، فإنه يأخذه بما أدى عنه خاصة بثلاثة وثلاثين درهما وثلث ; لأنه أدى مائتين : مائة منهما عليه خاصة ومائة أداها عن الثلاثة ، أدى عن كل واحد منهم ثلثها ، فيأخذ منه ثلث المائة التي أدى عنه عن خاصة نفسه ، وبقي ما أدى عن الاثنين وذلك ستة وستون وثلثان ، فيرجع عليه بنصفها حتى يستووا في الغرم عن الاثنين ، فإن أخذ منه ثم لقي الثالث الذي أخذ من صاحبه ما أخذ أحد الاثنين اللذين أديا معه المال ، جميع ما أديا جميعا عن الثلاثة ، فجعل عليهما نصفين ، فيرجع الأول الذي لم يأخذ من الثالث شيئا ، [ ص: 107 ] على الذي أخذنا بالفضل ، حتى يكونا في الغرم سواء . فإن اقتسما ذلك ، ثم لقيا الباقي الذي أدى معهم المال ، تراجعوا الفضل أيضا حتى يصير ما أخذ من الثالث بينهم أثلاثا ; لأنهم في الكفالة سواء . فإن لقي واحد منهم أحدا ممن لم يؤد ، فأخذه بشيء على حساب ما يقع عليه ، فلا بد من أن يشارك فيه من لقي من الاثنين اللذين أديا معه المال ، حتى يكون ما أخذ كل واحد منهم بينهم بالسوية ; لأنهم حملاء عن أصحابهم ، ثم هكذا يفعل فيهم ، ولو كانت الستمائة على ستة ، فضمنوها على أن كل واحد منهم حميل عن ثلاثة بجميع المال ، أو عن خمسة ، أو عن واحد ، أو عن جميعهم ; فهذا أصل واحد . وكل واحد حميل بجميع الستمائة ; لأنه قال في أول الحمالة ، على أن كل واحد منهم حميل بجميع المال ، فلا يضره قال عن ثلاثة أو عن أقل أو عن أكثر ، فكل واحد منهم حميل بجميع المال ، فخذ هذا على هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية