صفحة جزء
قلت : أرأيت إن ارتهنت خلخالين فضة أو [ ص: 151 ] سوارين فضة بمائة درهم ، وقيمة السوارين أو الخلخالين مائة درهم ، فاستهلكت الخلخالين أو السوارين ؟

قال : عليك قيمتهما من الذهب ، تكون رهنا مكانهما ، قلت : فإن كسرتهما ولم أستهلكهما ؟

قال : عليك قيمتهما مصوغين من الذهب .

قلت : أليس قد قلت إذا كسرهما رجل ولم يتلفهما فإنما عليه ما نقص الصياغة ؟

قال : هذا القول أحب إلي وإليه أرجع ، وأرى أن يضمن قيمتهما من الذهب مصوغا ، استهلكهما أو كسرهما فهو سواء ويكونان له .

قلت : فإن ضمن قيمتهما من الذهب ، أتكون القيمة رهنا أم يقبض هذا الذهب من حقه قبل محل الأجل وحقه دراهم؟

قال : لا يقبضه من حقه ، ولكن تكون هذه القيمة رهنا ويطبع عليها وتوضع على يدي عدل ، فإذا حل حقه ، فإن أوفاه الراهن حقه أخذ هذه الذهب وإلا صرفت له فاستوفى منها حقه .

قال سحنون : قال بعض أصحابنا : إنه يطبع على القيمة ويحال بينه وبينها حتى يحل الأجل تأديبا له ، لئلا يعدو الناس على ما ارتهنوا فيستعجلوا التقاضي .

قلت : وهذا قول مالك ؟

قال : قال مالك : فيمن استهلك سوارين : إن عليه قيمتهما يوم استهلكهما إن كانا من الذهب فعليه قيمتهما من الفضة .

قال : ولم أسمع منه في الكسر شيئا .

قلت : أرأيت لو أني ارتهنت سواري ذهب بدراهم فأتلفتهما وقيمتهما مثل الدين سواء ، وقد استهلكتهما قبل محل الأجل ، أتكون القيمة رهنا أم تجعله قصاصا ؟

قال : أرى القيمة رهنا حتى يحل الأجل ، فيأخذه منه في حقه إذا حل الأجل .

قلت : لم قال : لأن مالكا قال لي في الراهن إذا باع الرهن بغير أمر المرتهن ، فأجاز المرتهن البيع : عجل للمرتهن حقه .

قال مالك : وإذا باع الراهن بأمر المرتهن وقال المرتهن : لم آذن لك في البيع لأن تخرجه من الرهن ، ولكن أذنت لك في البيع لإحياء الرهن وما يشبه هذا ، ولم يمكن المرتهن الراهن من البيع وحده ، ولكن السلعة بقيت في يد المرتهن ، حتى باعها الراهن وقبضت من يدي المرتهن وقبض الثمن المرتهن ، أحلف في هذا أنه لم يأذن له في البيع إلا لما ذكر وكان القول قوله ويجعل الثمن رهنا مكان الرهن حتى يحل الأجل ، إلا أن يعطيه الراهن رهنا مكان الثمن ، فيه ثقة من حقه فيجوز ذلك حتى إذا حل الأجل قضاه الراهن حقه ، وأخذ ما بقي في يد المرتهن من رهنه فكذلك مسألتك ; ألا ترى أن مالكا قد قال ههنا : لا أعجل له حقه من الثمن حتى يحل الأجل ، فكذلك مسألتك .

التالي السابق


الخدمات العلمية