صفحة جزء
في الرجل يهلك ويوصي بوصايا فتنفذ وصاياه ويقسم ماله ثم يستحق رجل رقبته قلت : أرأيت لو أن رجلا هلك وأوصى أن يحج عنه فأنفذ الوصي ذلك ، ثم أتى رجل فاستحق رقبة الميت ، هل يضمن الوصي أو الحاج عن الميت ؟ أو كيف بما قد بيع من مال الميت فأصابه قائما بعينه ؟

قال : أرى إن كان الميت حرا عند الناس يوم بيع ماله ، فلا يضمن له الوصي شيئا ولا الذي حج عن الميت ، ويأخذ ما أدرك من مال الميت . وما أصاب مما باعوا من مال الميت قائما بعينه ، فليس له أن يأخذه إلا بالثمن ، ويرجع هو على من باع تلك الأشياء ، فيقبض منه ثمن ما باع من مال عبده .

قال : لأن مالكا قال في رجل شهد عليه أنه مات فباعوا رقيقه ومتاعه وتزوجت امرأته ثم أتى الرجل بعد ذلك ، فقال : إن كانوا شهدوا عليه بزور ، ردت إليه امرأته ويأخذ رقيقه حيث وجدهم ، أو الثمن الذي بيعوا به إن أحب ذلك .

قال مالك : وإن كانوا شبه عليهم ، وكانوا عدولا ردت عليه امرأته ، وما وجدوا من متاعه أو من رقيقه - لم يتغير عن حاله وقد بيع - أخذه بعد أن يدفع الثمن إلى من ابتاعه ، وليس له أن يأخذ ذلك حتى يدفع الثمن [ ص: 209 ] إلى من ابتاعه . وما تحول عن حاله ففات ، أو جارية وطئت فحملت من سيدها أو أعتقت ، فليس له إلا الثمن .

وإنما له الثمن على بائع الجارية ، وأرى بيعه مال العبد مثل ذلك .

قال ابن القاسم : وأرى العتق والتدبير والكتابة فوتا فيما قال مالك .

قال : والصغير إذا كبر فوت أيضا فيما قال لي مالك لأن مالكا قال : إذا لم يتغير عن حالها فهذه قد تغيرت عن حالها ، والذي أراد مالك تغير بدنها . قلت : فكيف يتبين شهود الزور ههنا من غير شهود الزور ، وكيف نعرفهم في قول مالك ؟

قال : إن أتوا بأمر يشبه أن يكون إنما شهدوا بحق ، مثل ما لو حضروا معركة فصرع فنظروا إليه في القتلى ، ثم جاء بعد ذلك أو طعن فظنوا أنه قد مات فخرجوا على ذلك ، ثم جاء بعدهم ، أو أشهدهم قوم على موته فشهدوا بذلك عند القاضي ، فهؤلاء يعلم أنهم لم يتعمدوا الزور بهذا وما أشبهه . وأما الزور في قول مالك : فهو إذا لم يأتوا بأمر يشبه وعرف كذبهم .

قال مالك : إذا شهدوا بالزور رد إليه جميع ماله حيثما وجده .

قال ابن القاسم : فأرى إذا شهدوا بالزور أن يرد إليه ما قد عتق وما قد دبر وما كوتب وما كبر ، وأم الولد وقيمة أولادها أيضا .

قال مالك : ويأخذ أم الولد ويأخذ المشتري ولده بالقيمة ، وكذلك قال لي مالك في الذي تباع عليه بشهود زور : إنه يأخذها وقيمة أولادها إذا كانوا شهدوا على سيدها بزور أنه مات فباعوها بالسوق . وقد قال مالك في الجارية المسروقة : إن صاحبها يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ، وهو أحب قوليه إلي .

قال : وقال مالك : وإنما يأخذ قيمة ولدها يوم يحكم فيه ، ومن مات منهم فلا قيمة له

التالي السابق


الخدمات العلمية