صفحة جزء
باب اشتراء دار فباع نقضها ثم استحق رجل نصفها قلت : أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا من رجل فهدمها فباع نقضها ، ثم قدم رجل فاستحق نصف الدار كيف يصنع ؟

قال : إن لم يجز البيع ، فإنه يأخذ ما استحق من الدار ونصف الثمن الذي باع به النقض ; لأنه قد استحقه . ثم إن أراد الأخذ بالشفعة ، فإنه يقسم الثمن على ما باع منها وما بقي يوم وقعت الصفقة ، ولا ينظر إلى ثمن ما باع منه . فإن كان قيمة النقض الذي باع يوم وقعت الصفقة هو الثلثين ، والذي بقي من الدار ثلث [ ص: 225 ] الثمن . فيدفع نصف الثلث ويأخذ العرصة بالشفعة ، ويكون له نصف ثمن النقض الذي بيع من حصته ; لأنه هو له ; لأنه كان له نصف الأرض ونصف البنيان ، وأما النصف الآخر من النقض فهو للمشتري ، ولا يرجع عليه فيه بشيء ; لأنه بيع قد جاز له ، لم يكن للآخذ . بالشفعة فيه شيء وفات البيع ، فإنما يرجع على ما بقي بالشفعة على ما فسرت لك ، وهذا الذي بلغني عمن أثق به من قول مالك .

قال : وإنما كان له نصف ثمن النقض ; لأن المبتاع باع شيئا نصفه للآخذ بالشفعة . وإنما أجيز بيع نصف النقض الذي اشتراه المشتري ; لأنه باع شيئا هو له لم يكن للآخذ بالشفعة فيه حق ، إلا أن يدركه لم يفت ، فلما فات رجع إلى العرصة فأخذها بحصتها مما يبقى ، وقد فسرت لك ما بلغني . قال : وإن لم يكن المشتري باع من النقض شيئا قيل للمستحق : إن شئت خذ نصف الدار مهدومة ونصف هذا النقض ، وليس لك على هذا المشتري الذي هدم من قيمة البنيان الذي هدم قليل ولا كثير ; لأنه إنما هدم على وجه الشبهة ووجه الاشتراء ، وهو لم يبع من النقض شيئا ، فيكون لك أن تتبعه بما باع من النقض . فإن أبى أن يأخذ ما استحق منها مهدوما قيل له : لا شيء لك واتبع الذي باع ، فخذ منه الثمن الذي باع به حصتك إن أحببت . قلت : فإن أخذ حصته التي استحق وقال : أنا آخذ بالشفعة ؟

قال : ذلك له . قلت : فهل يتبع المشتري إذا أخذ بالشفعة بشيء مما هدم من الحظ الذي يأخذه هذا المستحق بالشفعة ؟

قال : لا ، لا يضمن له شيئا مما هدم . قلت : فإن كان المشتري قد باع شيئا من النقض ؟

قال : يضمن له نصف ما باع من ذلك إذا أخذ المستحق بالشفعة . قلت : فالمشتري إذا باع مما نقض شيئا ، أخذ المستحق ذلك منه ، نصفه باستحقاقه نصف الدار ونصفه بالشفعة ؟

قال : نعم ، إذا كان ما باع من النقض حاضرا لم يفت ، فإن فات النقض فليس له أن يرجع عليه بشيء مما يصيبه من الثمن ، وإنما له أن يأخذ الشفعة بما يقع عليها من الثمن . قلت : وما لم يبع من ذلك لم يضمن له شيئا من ذلك ؟

قال : لا يضمن له ما هدم من حظ النصف الذي استحقه المستحق ، ولا يضمن له حظ النصف الذي يأخذه المستحق بالشفعة .

قال : نعم لا يضمن له شيئا من هذا ، إلا أن يبيع شيئا من ذلك فيضمن له بحال ما وصفت لك . قلت : وهذا كله قول مالك ؟

قال : نعم .

التالي السابق


الخدمات العلمية