صفحة جزء
ما جاء في قسمة البلح الكبير والبسر والرطب في رءوس النخل قلت : أرأيت إن أردنا أن نقتسم بلحا في رءوس النخل ورثناه أو اشتريناه ؟

قال : إن كان البلح كبيرا واختلفت حاجتهما في ذلك ، أراد أحدهما أن يأكل البلح وأراد الآخر أن يبيع البلح ، فلا بأس أن يقتسماه على الخرص يخرص بينهما إذا اختلفت حاجتهما إليه ; لأن مالكا كره البلح الكبار واحدا باثنين . قال : ولا أرى أن يباع البلح إذا كان كبيرا إلا مثلا بمثل . قال : وكذلك في البسر والرطب . وقال مالك في البسر والرطب : لا بأس أن يقتسما ذلك على الخرص فيما بينهما إذا اختلفت حاجتهما إليه ، وجعل مالك البلح الكبير في البيع مثل البسر والرطب ، فكذلك ينبغي أن يكون البلح الكبير في القسمة مثل البسر والرطب .

قلت : أرأيت إن اقتسما هذا البلح الكبير بالخرص وخرص بينهما ، على أن يجده أحدهما ليأكله وأراد الآخر أن يبيعه ، أما يخشى أن يكون هذا بيع الطعام بالطعام ليس يدا بيد ؟

قال : إذا اقتسماه في رءوس النخل وخرص بينهما ، إذا كانت حاجتهما إليه مختلفة وعرف كل واحد منهما الذي له من ذلك وقد قبض كل واحد منهما الذي له فلا بأس بهذا القسم ، وإن لم يجد الذي حاجته إلى الأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ، ما لم يتركه حتى يزهي وقسمتهما بالخرص إذا اختلفت حاجتهما قبض . والخرص فيه بمنزلة الكيل ، وكذلك الذي حاجته إلى البيع ; لأن مالكا قال في الرطب إذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك فلا بأس أن يقتسماه بالخرص ، ثم يجد كل واحد منهما من الرطب كل يوم مقدار حاجته من ذلك ، فكذلك البلح الكبار في رأيي .

قلت : أرأيت إن اقتسما هذا البلح الكبير بالخرص وكانت حاجتهما إلى البلح مختلفة ، فجد واحد وترك الآخر حصته حتى أزهى ، أو تركا جميعا حصتهما حتى أزهى النخل ، أتنتقض القسمة فيما بينهما أو تكون القسمة جائزة ؟

قال : تنتقض القسمة فيما بينهما إن تركاه جميعا حتى أزهى أو تركه أحدهما وجد الآخر .

قلت : ولم نقضت القسمة فيما بينهما ؟

قال : لأنه بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه . ألا ترى أن أحدهما ابتاع نصف نصيب صاحبه بنصف ما صار له من البلح ، فلا يصلح أن يبتاع البلح وإن كان كبيرا على [ ص: 272 ] أن يترك حتى يزهي .

قلت : أرأيت إن اقتسماه بعدما أزهى وحاجتهما إلى ما في رءوس النخل مختلفة فتركاه حتى أثمر ، أتنتقض القسمة فيما بينهما أم لا ؟

قال : لا بأس بذلك ولا تنتقض ، وكذلك قال لي مالك : إذا اختلفت حاجتهم فيه يتمر واحد ويجد آخر ويبيع آخر ; لأن الرجل لو اشترى رطبا في رءوس النخل ثم تركه حتى يتمر ، لم ينتقض البيع فيما بينهما عند مالك وكذلك القسمة أيضا عندي .

التالي السابق


الخدمات العلمية