صفحة جزء
وقال ابن القاسم : لا بأس ببلح نخلة ببلح نخلتين ، على أن يجداه مكانهما إذا كان البلح صغيرا .

قلت : وتجوز قسمتهما هذا البلح وحاجتهما في ذلك سواء ؟

قال : نعم يجوز ذلك وإن كانت حاجتهما إلى البلح سواء ; لأن هذا لا يشبه الرطب بالرطب ، وإنما هو بمنزلة البقل والعلف .

قلت : فإن اقتسما هذا البلح فلم يجداه حتى صار بلحا كبارا لا يشبه الرطب ، أينتقض القسم فيما بينهما وأحدهما قد فضل صاحبه في القسمة ؟

قال : نعم .

قلت : فإن لم يكونا اقتسماه على تفاضل ؟

قال : لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ، ولكن أرى إن كانا اقتسماه بينهما على غير تفاضل ، وكان إذا كبر يتفاضل في الكيل ، فأراه مفسوخا ، وإلا لم أره مفسوخا إلا أن يزهي قبل أن يجداه أو قبل أن يجد أحدهما أو يكونا قد جدا ، إلا أن أحدهما قد بقي له في رءوس النخل شيء لم يجده حتى أزهى . قال : وإذا أكل أحدهما جميع ما صار له في القسم ، وأكل الآخر نصف ما صار له في القسم ، أينتقض القسم في نصف ما أكل الذي أكل جميع ما صار له ، فعليه أن يخرج نصف قيمة ما صار له ، فيكون ذلك بينهما ، ويكون هذا الذي أزهى فيما بينهما أيضا ؟

قال : وكذلك الزرع إذا اقتسماه بقلا على أن يحصداه فتركاه حتى أفرك أو ترك بعضه [ ص: 273 ] حتى أفرك .

قلت : أرأيت قول مالك في الرطب والبسر حين يقول : يقتسمانه بالخرص إذا وجد من يخرص ذلك بينهما إذا كانت حاجتهما إلى ذلك مختلفة ، وقال ذلك في العنب أيضا . لم قاله ؟ وما فرق بين هذا إذا كانت حاجتهما إلى ذلك سواء أو مختلفة ؟

قال : لأن الخرص عند مالك كيل إذا اختلفت حاجتهما إليه ، فإذا اتفقت حاجتهما إلى ذلك الرطب لم يقتسماه إلا كيلا ; لأن حاجتهما إلى هذا الرطب واحدة وإن كانت حاجتهما إلى أن يبيعا ذلك جميعا ، قيل لهما بيعا ثم اقتسما الثمن ، وإذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك لم يكن لهما بد من أن يقتسماه بالخرص ، ويجعل الخرص بينهما بمنزلة الكيل ، فلا يكون الخرص في القسمة بينهما بمنزلة الكيل إذا كانت حاجتهما واحدة ; لأنه إذا كانت حاجتهما إلى ذلك واحدة ، كان بمنزلة الطعام الموضوع بينهما فلا يقتسمانه إلا بالصاع .

التالي السابق


الخدمات العلمية