صفحة جزء
قلت : أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين ، وقد ترك دورا ورقيقا ، وصاحب الدين غائب ، فاقتسم الورثة مال الميت جهلوا أن الدين يخرج قبل القسمة وقبل الميراث ، أو جهلوا أن عليه دينا حين اقتسموا ثم علموا أن عليه دينا حين اقتسموا ؟

قال : أرى أن ترد القسمة حتى يخرج الدين إذا أدرك مال الميت بعينه ، لأن مالكا قال في رجل مات وترك مالا ودارا ودينا . قال : أرى أن يباع من الدار قدر الدين ، ثم يقتسم الورثة ما بقي من الدار إلا أن يخرج الدين من عندهم الورثة ، فتكون الدار دارهم لا تباع عليهم ويقتسمونها بينهم قلت : أرأيت الورثة الذين جهلوا أن الدين يخرج قبل الميراث ، أو جهلوا أن على الميت دينا ، إن كانوا قد اقتسموا الميراث فأتلف بعضهم ما صار له وبقي في يد بعضهم الذي أخذ من الميراث ، فقدم صاحب الدين ، كيف يأخذ دينه وقد أراد أن يأخذ جميع دينه من الميراث الذي أدرك في يد هذا الوارث الذي لم يتلف ما بقي في يده من ذلك ؟

قال : قال مالك : للغريم أن يأخذ جميع ما أدرك في يد هذا الوارث إلا أن يكون حقه أقل من الذي في يد هذا الوارث ، فليأخذ مقدار دينه من ذلك ويطرح هذا الدين ، ولا يحسب من مال الميت .

وينظر إلى ما بقي من مال هذا الميت مما بقي في يد هذا الذي أخذ الغريم منه ما أخذ وما أتلف الورثة مما أخذوا ، فيكون هذا كله مال الميت . فينظر إلى ما بقي في يد هذا ، فيكون له ويتبع جميع الورثة بما بقي له من تمام حقه من ميراثه من مال الميت بعد الدين إن بقي له شيء ، ويضمن الورثة ما أكلوا أو استهلكوا مما كان في أيديهم ، وما مات في أيديهم من حيوان أو رقيق أو غير ذلك ، وما كان بقي في أيديهم من العروض والأمتعات أصابتها الجوائح من السماء ، فلا ضمان عليهم في ذلك . وكذلك قال مالك في هذا ، فهذا يدلك على أن القسمة كانت باطلة إذا كان على الميت دين ; لأن مالكا قد جعل في قوله هذا المال مال الميت على حاله ، وجعل القسمة باطلة لما قال ما أصابت الجوائح من الأموال التي في أيديهم وما مات مما في أيديهم ، فضمانه من [ ص: 282 ] جميعهم ; علمنا أنه لم تجز القسمة فيما بينهم للدين الذي كان على الميت .

قلت : أرأيت ما جنى عليه مما في أيديهم بعد القسمة قبل أن يلحق الدين ثم لحق الدين ؟

قال : يتبعون جميعا صاحب الجناية ; لأنه كان لجميعهم يوم جنى عليه عند مالك . وكانت القسمة فيه باطلة ، ولأن مالكا قال فيما باعوا مما قبضوا من قسمتهم مما لم يحابوا فيه ، فإنما يؤدون الثمن الذي باعوا به ، ولا يكون عليهم قيمة تلك السلع يوم قبضوها .

قلت : أرأيت إذا أعطى القاضي أهل الميراث كل ذي حق حقه ، أترى أن يأخذ منهم كفيلا بما يلحق الميت في هذا المال ؟

قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، وأرى أنه لا يأخذ منهم كفيلا ، ويدفع إليهم حقهم بلا كفيل .

قلت : أرأيت إن قسم القاضي بينهم ، ثم لحق الميت دين ، أتنتقض القسمة فيما بينهم بحال ما وصفت لك في قول مالك ؟

قال : أرى أن القسمة تنتقض ; لأن قسمة القاضي بينهم بمنزلة ما لو اقتسموا هم أنفسهم بغير أمر القاضي وهم رجال .

التالي السابق


الخدمات العلمية