صفحة جزء
قلت : أرأيت إن أوصى بوصايا فورث مالا لم يعلم به أو علم به ، أيكون لأهل الوصايا في ذلك المال شيء أم لا في قول مالك ؟

قال : قال مالك : كل من أوصى بعتق أو غيره وله مال لم يعلم به مثل الميراث ، يكون بأرض قد ورثه ولم يعلم به فمات فإن ذلك لا تدخل فيه الوصايا ، لا عتق ولا غيره .

قال : قال مالك : إلا أن يكون قد علم به بعدما أوصى قبل أن يموت ، فإن الوصايا تدخل فيه علم به في مرضه أو غير مرضه ، فذلك سواء تدخل الوصايا .

قال ابن القاسم : قال مالك : إلا المدبر في الصحة فإنه يدخل فيما علم به وفيما لم يعلم به في الحاضر والغائب .

قال : وكذلك كل دار أعمرها أو أرض حبسها في صحته فرجعت بعد موته ، فإن الوصايا تدخل فيها إذا كانت ترجع غير حبس ، فإن الوصايا تدخل في ذلك . قال : وهذا قول مالك .

قلت : فإن كانت إنما رجعت إليه هذه الأحباس مالا بعد موته بعشرين سنة ، وقد اقتسموا المال إلا أن أهل الوصايا لم يستكملوا وصاياهم ؟ قال : يرجعون في هذا الذي رجع من هذا الحبس لأنه إنما رجع مالا للميت ، فيأخذون ثلثه وهذا الحبس إذا كان إنما هو عمرى أو سكنى هو الذي يرجع ميراثا وترجع فيه الوصايا ، فأما الحبس المبتل فلا يرجع ميراثا ولا ترجع فيه [ ص: 350 ] الوصايا .

ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الموالي المدني يحدث عن عبد الحكم بن عبد الله رجلا أوصى بثلث ماله فقال : على ثلثه ، ثم وجد للرجل مال ورثه من نسيب له لم يعلم به فقال صاحب الثلث : لي في هذا حصة ، فقال رجل من القوم : هل لك أن أعطيك ثلاثين دينارا ؟ فأبى ، فاختصما إلى عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان عنده فقال له أبان : خذ الثلاثين ، قال : أصلحك الله . المال أكثر من ذلك . فقال أبان : لا ثلاثين لك ولا غيرها ، إنما أوصى الرجل فيما عرف وليس له حق فيما لم يعرف . قال : وأخبرني يزيد بن عياض عن الأسود بن عبد الله بن هشام أن عمر بن عبد العزيز قضى عليه بمشورة أبان بن عثمان قال أبان : وهو الذي نوى حين أوصى . رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة ومكحول أن وصيته لا تجوز إلا فيما علم من ماله . مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول أنه قال في رجل أوصى بالثلث ثم قتل . قال : ليس لأهل الوصايا من الدية شيء .

وقال ربيعة في رجل أوصى فقال : كل مملوك لي حر ، وقد ورث رقيقا باليمن حين قال ذلك - لم يعلم بهم - قال ربيعة : هم مملوكون . وسألت مالكا عن ذلك فقال : لا يعتق عليه إلا من علمه منهم ، ومن غاب علمه عنه فلا يعتق ، وقال : لأن الناس إنما يوصون فيما علموا من أموالهم . قال ذلك أبان بن عثمان وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية