صفحة جزء
قلت : أرأيت إن قال الرجل في وصيته : عبدي يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيئا من السنين ، وأوصى أن رقبته لفلان - لرجل آخر - ولم يقل من بعده كيف يصنع بهذا ، أتكون الوصية ههنا بالخدمة ، إنما هي حياة المخدم فقط ثم يرجع العبد إذا مات المخدم إلى الموصى له بالرقبة أم لا في قول مالك ؟

قال : لا أعرف هذا في شيء من قول مالك ، إنما هو قول مالك على وجهين الذي سمعت أنا منه : إما أن يقول غلامي [ ص: 360 ] يخدم فلانا عشر سنين ، أو يقول : حياة المخدم . فإذا انقرض المخدم أو انقضت العشر سنين فهو لفلان ، فهذا الذي تعرف . وأما إذا جعل لواحد خدمته ولم يوقت ، وجعل لآخر رقبته ، فأرى أن يتحاصا ، تقوم الرقبة وتقوم الخدمة على غررها حياة الذي أخدم ، ثم يتحاصان فيها جميعا على قدر ذلك . وقال مالك : من أخدم رجلا عبدا إلى أجل من الآجال ، فمات المخدم قبل أن ينقضي الأجل ، فإن العبد يخدم ورثة المخدم بقية الأجل إذا كان على ما وصفت لك ، ليس من عبيد الحضانة والكفالة ، وإنما هو من عبيد الخدمة . ولو أن رجلا قال لرجال : اشهدوا أني قد وهبت خدمة هذا العبد لفلان ، ثم مات الذي أخدم ، كان لورثته خدمة هذا العبد ما بقي إلا أن يكون إنما أراد حياة المخدم ، يستدل على ذلك في مقالته أنه إنما أراد حياة المخدم سحنون : وقال غيره : إذا أوصى في عبد يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيئا من السنين ، وأوصى برقبة العبد لرجل آخر ولم يقل من بعد موت الموصى له بالخدمة ، فهذه وصية واحدة في العبد ، فالخدمة هي حياة الموصى له بالخدمة . وقال أشهب : لو أن رجلا قال لرجال : اشهدوا أني قد وهبت خدمة هذا العبد لفلان ، فإنما هي حياة فلان ، ولو كان أراد حياة العبد لكانت الرقبة للموهوب له الخدمة ; لأنه لما لم يكن له مرجع إلى سيده فقد أثبتت للموهوب له .

التالي السابق


الخدمات العلمية