صفحة جزء
في الرجل يؤاجر الرجل دابته أو يعيره إياها ثم يهبها لغيره قلت : أرأيت إن آجرت دابتي من رجل ثم وهبتها لرجل آخر أو أعرتها لرجل ثم وهبتها لرجل آخر ، فقبضها هذا المستعير أو هذا المستأجر ، أيكون قبضه قبضا للموهوب له ، وتكون الهبة للموهوب له إذا انقضى أجل الإجارة وأجل العارية في قول مالك أم لا ؟ وكيف إن مات الواهب قبل انقضاء أجل الإجارة وأجل العارية ، أيكون الموهوب له أحق بالهبة لأن قبض المستأجر والمستعير قبض له ؟

قال : سألت مالكا عن الرجل يخدم الرجل الجارية سنين ثم يقول بعد ذلك هي لفلان بعد خدمة فلان هبة بتلا وقد قبضها المخدم .

قال مالك : قبض المخدم للخادم قبض للموهوب له وهي من رأس المال ، إن مات قبل ذلك ، وكذلك مسألتك في العارية وأما الإجارة فلا تكون قبضا إلا أن يكون أسلم الإجارة له معه فيكون ذلك قبضا وإلا فلا شيء له ، لأن الإجارة كأنها في يدي الواهب إلا أن تكون بحال ما وصفت لك . وأرى أن كل من تصدق على رجل بأرض فكانت الأرض حين تصدق بها تحتاز بوجه من الوجوه ، من كراء يكريه أو حدث يحدثه أو غلق يغلق عليها ولم يفعله حتى مات ، وهو لو شاء أن يحوزها بشيء من هذه الوجوه حازها ، فلا شيء له وإن كانت أرضا قفارا من الأرض وليست تحتاز بغلق ولا كراء تكراه ، ولم يأت إبان زرع فيزرعها أو يمنحها بوجه يعرف حتى مات الذي وهبها قبل أن يبلغ شيئا من ذلك ، فهي للذي وهبت له ، وهذا أحسن ما سمعت فيه . وكل من وهب دارا [ ص: 404 ] حاضرة أو غائبة فلم يحزها الذي وهبت له أو تصدق بها عليه فلا حق له وإن كان لم يفرط في قبضها لأن لهذه حيازة تحتاز بها .

قال عمر بن الخطاب : فإن لم يحزها فهي مال الوارث وكذلك قال لي مالك ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يقول للرجل قد أعمرتك هذا العبد حياتك ؟

قال ابن شهاب : تلك المنحة وهي مؤداة إلى من استثنى فيها .

قال ابن شهاب : وإن قال : ثم هو لفلان بعدك ، فإنه ينفذ ما قال إذا كان هبة للآخر .

قال ابن شهاب : وإن قال ثم هو حر بعدك . قال : ينفذ ما قال ثم هو حر ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال : من قطع من ماله قطيعا فسماه لناس ، ثم إذا انقرضوا فهو لفلان جاز ذلك لا يباع ولا يملك حتى يصير إلى آخرهم كما سمى لا ينكر هذا .

قال الليث : وسمعت يحيى بن سعيد يقول : إن أعمر رجل رجلا عبدا وجعله من بعده حرا ، ثم عجل هذا الذي جعل له العبد عمره عتقه ، كان ولاؤه للذي أعتق أول مرة وإنما ترك له خدمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية