صفحة جزء
[ ص: 470 ] في فضل ماء بئر الماشية والزرع قلت : فلم قال مالك في بئر الماشية : الناس أولى بالفضل ؟ وقلت أنت في بئر الزرع : إن صاحب البئر أولى بالفضل ؟ فما فرق ما بينهما ؟ وقد قال مالك أيضا في الذي يغور ماؤه أو ينهار بئره : إنه يقضى عليه بفضل ماء جاره حتى يصلح بئره . فلم قلت أنت فيمن زرع ولا بئر له إلى جانب من له بئر وفي مائه فضل : لم لا يجعل ما فضل من الماء لهذا الذي زرع إلى جانبه ؟

قال : لأن هذا الذي زرع فانهارت بئره إنما زرع على أصل ماء كان له ، فلما ذهب ماؤه شرب فضل ماء صاحبه لئلا يهلك زرعه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا ضرر ولا ضرار } إلا أنا لما خفنا موت زرعه جعلنا له فضل ماء جاره ، بمنزلة بئر الماشية ، إنه يكون للأجنبيين فضل ماء أهل الماء يسقون به ماشيتهم ، فكذلك زرع هذه البئر إذا انهارت . وأن الذي زرع إلى جانب رجل على غير أصل ماء إنما يريد أن يجتر بذلك فضل ماء جاره ، فهذا مضار ، فليس ذلك له إلا أن يشتري . ألا ترى أن البئر تكون بين الرجلين ، أو العين فتنهار البئر أو تنقطع العين ، فيعملها أحدهما ويأبى الآخر أن يعمل ، فلا يكون للذي لم يعمل من الماء قليل ولا كثير ، وإن كان فيه فضل ولا يسقي به أرضه إلا أن يعطي شريكه نصف ما أنفق ، وهذا قول مالك . فهذا يدلك على أن الذي زرع على غير أصل ماء لا يجبر جاره على أن يسقيه بغير ثمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية