صفحة جزء
قلت : أرأيت الجارية تكون بين الشريكين ، فيعتق أحدهما حصته - ولا مال له أو له مال - فيطؤها المتماسك بالرق من قبل أن تقوم على شريكه إن كان له مال ، أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا ؟

قال : لا لمكان الرق الذي له فيها ، لأنها لو ماتت قبل أن تقوم عليه وإن كان شريكه موسرا فلا شيء له على شريكه ، وأدرأ الحد عنه بالشبهة . قلت : أرأيت إن كانت طاوعته ، أيكون عليه من الصداق شيء أم لا أو مما نقصها ؟

قال : لا يكون عليه [ ص: 480 ] شيء في الوجهين جميعا إذا طاوعته . ألا ترى أنه إن كان وطؤه إياها عيبا دخلها فإنما ذلك على السيد الذي وطئ ، لأن الرق له . وهي إذا طاوعته فلا شيء عليه في النصف الذي كان يكون لها مما ينقصها من قيمتها ، وإن هو استكرهها كان عليه نصف ما نقص من ثمنها ولا شيء عليه من الصداق ، لأن مالكا قال لي في الأمة يكون نصفها حرا ونصفها مملوكا ، فيجرحها رجل : إن عقل ذلك الجرح بينها وبين سيدها الذي له فيها الرق ، وإنما قيمة جرحها قيمة جرح أمة . وقال : قال لي مالك أيما رجل غصب أمة فوطئها فإنما عليه ما نقصها مع الحد . فهذه وإن كان نصفها حرا ، فالذي وطئها ليس عليه إلا ما نقصها إذا كان استكرهها ، لأنه لو أن أجنبيا غصبها لم يكن عليه أيضا إلا ما نقص من ثمنها ، لأن الحر منها تبع للرق منها . فإذا أخذت ذلك ، كان لها النصف وللسيد المتمسك بالرق النصف ، وإنما أعطينا السيد المتمسك بالرق النصف لأنها لو جرحت جرحا ينقصها كان له نصفه ، ولو جرحت هي كان عليه نصف ما جرحت أو يسلم نصفه ، وكذلك ما وجب لها في اغتصابها نفسها إن ذلك بينها وبين سيدها بمنزلة . جراحاتها ، لأن مالكا جعل في اغتصابها نفسها ما نقصها ، وفي الجراحات إنما فيها ما نقصها ولا يشبه ما قضى لها به في الاغتصاب مهرها الذي تتزوج به بإذن سيدها ، لأن مهرها بمنزلة الأموال التي تستفيدها ومهرها موقوف في يديها ، بمنزلة ما استفادت من الأموال .

قلت : ومن يزوج هذه الأمة في قول مالك ؟

قال : سيدها المتمسك بالرق ، وليس للآخر في تزويجها قليل ولا كثير .

قال مالك : ولا يزوجها هذا المتمسك بالرق إلا برضاها . قلت : أرأيت هذه الأمة ، لو أن أحدهما أعتق جميعها فوطئها الباقي وللمعتق مال أو لا مال له ؟

قال : إن لم يكن له مال لم يحد الواطئ للرق الذي له فيها ، لأنه لا عتق لشريكه فيها إذا كان ، معدما . وإن كان المعتق موسرا نظر ، فإن كان الواطئ ممن يعذر بالجهالة ولا يرى أن عتق الموسر يلزمه لم يكن عليه حد ، وإن كان ممن يعلم أن ذلك يلزمه وكان المعتق موسرا رأيت عليه الحد ، وذلك أني سألت مالكا عن الجارية تكون بين الرجلين يعتقها أحدهما كلها . قال مالك : ذلك يلزم شريكه إذا كان للمعتق مال وليس لشريكه أن يأبى ذلك عليه .

قال ابن القاسم : ولو أعتق الشريك الباقي حصته بعد عتق المعتق الجميع لم يكن له فيها عتق ، فلذلك رأيت عليه الحد . قلت : فلو أن الذي أعتق جميعها - وهو موسر - لم يقم عليه بتضمين نصف القيمة حتى أعسر وصار معدما ؟ قال : إن كان السيد المتمسك علم بعتقه فتركه ولو شاء أن يقوم بذلك عليه فيأخذه وأخذه ، فالعتق ماض ويصير نصف القيمة دينا عليه . وإن كان غائبا أو لم يعلم بالعتق حتى أعسر المعتق رأيته على حقه منها ، وإنما لا يكون له شيء إذا ترك أن يأخذ حقه ، ولو شاء أن يقوم على ذلك أخذه فتركه حتى أعسر ، فالعتق ماض ونصف القيمة دين عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية