صفحة جزء
جامع اجتماع الحدود وكيف يضرب قلت لابن القاسم : أي الحدود أشد ضربا في قول مالك الزاني أو الشارب أم حد الفرية ؟ قال : قال مالك : ضربها كلها سواء .

قال مالك : والضرب في هذا كله ضرب بين الضربين ليس بالمبرح ولا بالخفيف .

قال : وقال مالك : إذا قذف وسكر ، أو شرب الخمر ولم يسكر ، جلد الحد حدا واحدا . وإن كان قد سكر جلد حدا واحدا لأن السكر حده حد الفرية ، لأنه إذا سكر افترى فحد الفرية يجزئه منها . ألا ترى لو أنه افترى ثم افترى وضرب حدا واحدا كان هذا الحد لجميع تلك الفرية ، وكذلك السكر والفرية إذا اجتمعا دخل حد السكر في الفرية والخمر يدخل في حد السكر .

ألا ترى أنه لا يسكر منها . حتى يشربها ، فلما كان حد السكر داخلا في حد الفرية علمنا أن حد الخمر أيضا داخل في حد السكر ، لأنه لا يسكر منها إلا بعد أن يشربها .

قال : وقال مالك : وإن اجتمع عليه حد الفرية وحد الزنا أقيم عليه حد الزنا وحد الفرية جميعا .

قال : وإن اجتمع عليه حد الزنا وحد الخمر أقيما عليه جميعا .

قلت : أيتابع الإمام بين الحدين أم يحبسه بعد ضرب جلد الزنا ، حتى إذا خف من ضربه ذلك ضربه حد الفرية ؟

قال : قد أخبرتك أن ذلك إلى الإمام في قول مالك ، يرى في ذلك رأيه ويجتهد . إن رأى أن يجمعهما عليه جمعهما ، وإن رأى أن لا يجمعهما عليه ورأى أن يفرقهما فذلك إليه ، وإنما هذا على اجتهاد الإمام لأن مالكا قال في المريض الذي يخاف عليه إن أقيم عليه الحد : يؤخر حتى يبرأ من مرضه . فهذا إذا ضرب أول الحدين إن كان يخاف عليه إن ضرب الحد الثاني أن يموت ، أخره الإمام ولم يضربه . وكذلك ذكر مالك في الذي يخاف عليه من البرد إن هو أقيم عليه الحد ، أنه يؤخر ولا يضرب ويحبس ، وإنما قال في البرد في القطع وليس في الضرب . قال : والضرب عندي بمنزلة القطع في البرد إن خيف عليه ، والحر عندي بمنزلة البرد في ذلك كله .

قلت : ويضرب حد الزنا عند مالك قبل ضرب حد الفرية إذا اجتمعا على الرجل جميعا لأن حد الزنا لا عفو فيه على حال ، وحد الفرية فيه العفو قبل أن ينتهي به صاحبه إلى الإمام ؟

قال : أحب ذلك إلي أن يبدأ بحد الزنا ، ولم أسمع من مالك فيه شيئا ، لأن حد الفرية قد جاء فيه بعض الاختلاف ، أن العفو فيه جائز وإن انتهى إلى الإمام ، وقد كان مالك يقوله مرة ثم نزع عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية