صفحة جزء
قلت : أرأيت إن رفعه هذا المسروق منه فقطعه ولا مال عنده إلا قيمة سلعته التي سرق ، وقد كان سرق قبل ذلك من ناس شتى ، فلما قطع لهذا الذي رفعه وأخذ منه قيمة متاعه ، قدم الذين سرق منهم قبل ذلك فقاموا على هذه القيمة التي أخذها هذا الذي قطع يد السارق ؟ قال : أرى إن كان ذلك اليسر الذي وجده عنده لم يزل دائما منذ سرق منهم كلهم فإنهم شركاء في تلك القيمة ، وإن كان يسرا حدث نظر إلى كل سرقة سرقها في يسره ذلك الذي حدث ، فكانوا في هذه القيمة شركاء ، يضرب لكل واحد منهم بقيمة سرقته ، وليس للذين سرق منهم قبل ذلك اليسر في هذه القيمة قليل ولا كثير ، لأن هذا يسر حدث بعد سرقته ، لأنه لو قطع له وحده لم يكن له في هذا اليسر قليل ولا كثير ، وإنما كان يدخل مع هؤلاء في هذه القيمة لو أن يسره تمادى به من يوم سرق منه إلى يوم قطع . قلت : ولا ينظر إلى من قضى له بالقيمة وأصحابه غيب فيجعلها له دونهم ، لأنه قد حكم له بها دونهم ؟

قال : لا ، لأنه بمنزلة رجل فلس ، ولرجل غائب عليه دين ، فقضى هؤلاء الحضور وترك الغائب وقدم ، فإنه يدخل فيما أخذ هؤلاء الحضور ، يضرب في ذلك بمقدار دينه . ولو داينه قوم آخرون بعد إفلاسه لم يكن للغائب في ماله قليل ولا كثير ، وإنما يتبع الأولين الذين فلسوه وقسم لهم ماله وكذلك السارق .

التالي السابق


الخدمات العلمية