صفحة جزء
في الرجل يقول قتلني فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا قلت لأبي القاسم : أرأيت إذا قال المقتول : دمي عند فلان ، ولم يقل خطأ ولا عمدا ؟ قال : إن قال ولاة الدم كلهم عمدا أو خطأ فالقول قولهم ، ويقسمون ويستحقون ما ادعوا من ذلك . فإن افترقوا فقال بعضهم خطأ وقال بعضهم عمدا فحلفوا كلهم ، كان لهم دية الخطأ بينهم كلهم ، الذين ادعوا العمد والذين ادعوا الخطأ . وإن أبى بعضهم أن [ ص: 642 ] يحلف ونكل عن اليمين ، فإن نكل مدعو الخطأ وقال مدعو العمد : نحن نحلف على العمد ، بطل دعواهم ولم يكن لهم أن يقسموا ، ولم يكن لهم إلى الدم ولا إلى الدية سبيل . فإن قال بعضهم : قتل عمدا . وقال بعضهم : لا علم لنا فكذلك أيضا تبطل دعواهم ، ولا يكون لهم أن يقسموا . وإن قال بعضهم : قتل خطأ وقال بعضهم : لا علم لنا . أو نكلوا ، أحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا نصيبهم من الدية ، ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي .

قال : وبلغني أن مالكا قال فيمن قتل قتيلا فادعى بعض ولاته أنه قتل عمدا وقال بعضهم : لا علم لنا به ولا بمن قتله ولا نحلف .

قال مالك : فإن دمه يبطل . وإن قال بعضهم قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا بذلك ولا نحلف ، كان للذين حلفوا أنصباؤهم من الدية بأيمانهم وليس للذين لم يحلفوا شيء . وإن قال بعضهم : قتل عمدا وقال الآخرون : قتل خطأ وحلفوا كلهم كان لهم جميع الدية ، إن أحب الذين ادعوا العمد أخذوا أنصباءهم . فأما القتل فلا سبيل لهم إليه فهذا رأيي ، والذي بلغني .

قلت : فما قول مالك إن ادعى بعض ولاة الدم الخطأ ، وقال بعضهم : لا علم لنا بمن قتله ، فحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا حظوظهم من الدية ، ثم أراد هؤلاء الذين قالوا : لا علم لنا بمن قتله خطأ أن يحلفوا ويأخذوا حظوظهم من الدية ، أيكون ذلك لهم ؟ قال : قال مالك : إذا نكل مدعو الدم عن اليمين وأبوا أن يحلفوا وردوا الأيمان على المدعى عليهم ، ثم أرادوا أن يحلفوا بعد ذلك لم يكن ذلك لهم . فأرى أنه ليس لهم أن يحلفوا إذا عرضت عليهم الأيمان فأبوها . قال : وكذلك قال لي مالك في الحقوق إذا شهد له شاهد فأبى أن يحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعى عليه ، ثم أراد أن يحلف بعد ذلك ويأخذ لم يكن ذلك له .

قلت : أرأيت إذا أقمت شاهدا واحدا وأبيت أن أحلف معه ، ورددت اليمين على الذي ادعيت قبله فنكل عن اليمين ، ما يكون عليه في قول مالك ؟ قال : عليه أن يحلف عند مالك أو يغرم .

قلت : ولا يرد اليمين على الذي أقام شاهدا واحدا ؟

قال : لا ; لأنه إذا رد اليمين على المدعى عليه لم يرجع اليمين على المدعي بعد ذلك أبدا أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية