صفحة جزء
في زكاة الزرع الأخضر يموت صاحبه ويوصي بزكاته قلت : أرأيت إن مات الميت والزرع أخضر فأوصى أن يؤدوا زكاته ؟ فقال : تجعل زكاته في ثلثه ولا تبدأ على ما سواها من الوصايا ، لأنها ليست بزكاة واجبة عليه وإنما هي وصية ، قال : ولا تضع وصيته حين أوصى الميت أن يؤدوا الزكاة عنه فأدوها لا يضع ذلك عن الورثة أن تؤخذ منهم الزكاة ، لأنه كان رجلا استثنى عشر زرعه لنفسه وما بقي لورثته .

قلت : فإن كان في حظ الموصى لهم ما يجب فيه الزكاة أيزكي عليهم ؟

قال : نعم .

قلت : فإن كان في حظ كل وارث منهم وحده ما تجب فيه الزكاة زكى عليهم ؟ قال : نعم .

قلت : وإن لم يكن في حظ كل وارث وحده ما تجب فيه الزكاة لم يكن عليه شيء ؟ فقال : نعم وإنما مثل ذلك مثل ما لو قال : عشر مالي لفلان فإنما هي وصية : جعل صاحب العشر شريكا للورثة .

قلت : فهل ترجع المساكين الذين أوصى لهم الميت بزكاة زرعه على الورثة بما أخذ منهم المصدق إذا كان الثلث يحمل أن يرجع عليهم ؟ فقال : لا .

قلت : لم ؟

قال : لأن المساكين لما قاسموا الورثة ، صار الذي أخذوه كأنه شيء بعينه [ ص: 383 ] أوصى لهم به ، فلما استحق المصدق بعضه لم يرجعوا به على الورثة لأن الميت لو أوصى شيئا بعينه لرجل فاستحق لم يرجع على الورثة بقيمة ذلك الشيء .

قلت أرأيت المساكين لم جعلت المصدق يأخذ منهم وهم إنما يصير لكل واحد مد مد أو مدان مدان ، فلم أمرت المصدق أن يأخذ منهم وأمرته أن لا يأخذ من الورثة وما في يد كل وارث أكثر مما في يد كل مسكين ؟ فقال : لأن الرجل أوصى بثمر حائطه قبل أن يبلغ ، أو بزرع أرضه قبل أن يبلغ ، أو أوصى به كله للمساكين لم تسقط زكاته ، وإن لم يصر لكل مسكين إلا مد واحد ، والورثة لا يشبهون المساكين في هذا ، لأن الورثة حين ورثوه وهو أخضر كأنهم هم زرعوه ، فإذا لم يبلغ حظ كل واحد منهم ما تجب فيه لم يكن عليهم فيه شيء ، والمساكين الذين صار لهم إنما هو مال الميت والميت رجل واحد ، فحظ المساكين على أصل المال كما كان عند الميت فإذا كان في ذلك ما تجب فيه الزكاة أخذ المصدق منه ، لأن الوصية إنما هي مال للميت ، وإنما يبين ذلك لك أيضا .

لو أن رجلا قال : ثمرة حائطي سنتين أو ثلاثة للمساكين أخذت منه الصدقة ولا يشبه هذا ما أوصى به لرجل بعينه ولا ما يرثه الرجل بعينه ، قال : لأن الذي أوصى به لرجل بعينه قبل أن يبدو صلاح الزرع ، صار بمنزلة الورثة لأنه عليه العمل مع الورثة فقد استحق ذلك يوم مات الميت ، والزرع أخضر والمساكين إنما يستحقون ذلك بعد بلوغه وسقيه وعمله بمنزلة الحبس ، فحظ المساكين من ذلك هو على الأصل كما كان على الميت حتى يقبضوه .

قال : وقد كانت أحباس عمر بن الخطاب وأصحاب النبي عليه السلام تؤخذ منها الزكاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية