صفحة جزء
8 [ ص: 3 ] 2 - كتاب الإيمان

[ ص: 4 ] [ ص: 5 ] فصل

قال البخاري :

الإيمان قول وفعل .


قال زين الدين ابن رجب - رحمه الله - :

وأكثر العلماء قالوا : هو قول وعمل . وهذا كله إجماع من السلف وعلماء أهل الحديث .

وقد حكى الشافعي إجماع الصحابة والتابعين عليه ، وحكى أبو ثور الإجماع عليه أيضا .

وقال الأوزاعي : كان من مضى ممن سلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل . وحكاه غير واحد من سلف العلماء عن أهل السنة والجماعة .

وممن حكى ذلك عن أهل السنة والجماعة : الفضيل بن عياض ، ووكيع بن الجراح .

وممن روي عنه أن الإيمان قول وعمل : الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي ، وهو قول الثوري ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي ثور وغيرهم .

حتى قال كثير منهم : إن الرقبة المؤمنة لا تجزئ في الكفارة حتى يوجد منها الإقرار وهو الصلاة والصيام ، منهم الشعبي ، والنخعي ، وأحمد في رواية .

وخالف في ذلك طوائف من علماء أهل الكوفة والبصرة وغيرهم ، وأخرجوا الأعمال من الإيمان وقالوا : الإيمان : المعرفة مع القول .

وحدث بعدهم من يقول : الإيمان : المعرفة خاصة ، ومن يقول : الإيمان : [ ص: 6 ] القول خاصة .

والبخاري عبر عنه بأنه : قول وفعل .

والفعل من الناس من يقول : هو مرادف للعمل ، ومنهم من يقول : هو أعم من العمل .

فمن هؤلاء من قال : الفعل يدخل فيه القول وعمل الجوارح ، والعمل لا يدخل فيه القول عند الإطلاق .

ويشهد لهذا قول عبيد بن عمير : ليس الإيمان بالتمني ، ولكن الإيمان قول يفعل ، وعمل يعمل .

خرجه الخلال .

ومنهم من قال : العمل ما يحتاج إلى علاج ومشقة ، والفعل أعم من ذلك .

ومنهم من قال : العمل ما يحصل منه تأثير في المعمول كعمل الطين آجرا ، والفعل أعم من ذلك .

ومنهم من قال : العمل أشرف من الفعل ، فلا يطلق العمل إلا على ما فيه شرف ورفعة ، بخلاف الفعل ، فإن مقلوب " عمل " لمع ، ومعناه ظهر وأشرف .

وهذا فيه نظر ; فإن عمل السيئات يسمى أعمالا كما قال تعالى : من يعمل سوءا يجز به وقال : من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها

ولو قيل عكس هذا لكان متوجها ; فإن الله تعالى إنما يضيف إلى نفسه الفعل كقوله تعالى : وتبين لكم كيف فعلنا بهم ألم تر كيف فعل ربك بعاد ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل [ ص: 7 ] إن الله يفعل ما يشاء

وإنما أضاف العمل إلى يديه كما قال : أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما

وليس المراد هنا الصفة الذاتية بغير إشكال وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام .

واشتق سبحانه لنفسه اسما من الفعل دون العمل ، قال تعالى إن ربك فعال لما يريد

التالي


الخدمات العلمية