صفحة جزء
[ ص: 163 ] 53 - باب

إثم من رفع رأسه قبل الإمام

659 691 - حدثنا حجاج بن منهال ، ثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، قال : سمعت أبا هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أما يخشى أحدكم - أو ألا يخشى أحدكم - إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار - أو يجعل صورته صورة حمار - ؟ ) .


قال الحافظ أبو موسى المديني : اتفق الأئمة على ثبوت هذا الحديث من هذا الطريق ؛ رواه عن محمد بن زياد قريب من خمسين نفسا ، وبعضهم يقول : ( صورته ) ، وبعضهم يقول : ( وجهه ) ، ومنهم من قال : ( رأس كلب أو خنزير ) ، وتابع محمد بن زياد جماعة ، عن أبي هريرة . انتهى .

وفيه : دليل صريح على تحريم تعمد رفع المأموم رأسه قبل الإمام في ركوعه وسجوده ؛ فإنه توعد عليه بالمسخ ، وهو من أشد العقوبات .

وإنما اختص الحمار بالذكر دون سائر الحيوانات على الرواية الصحيحة المشهورة - والله أعلم - ؛ لأن الحمار من أبلد الحيوانات وأجهلها ، وبه يضرب المثل في الجهل ؛ ولهذا مثل الله به عالم السوء الذي يحمل العلم ولا ينتفع به في قوله : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا

فكذلك المتعبد بالجهل يشبه الحمار ، فإن الحمار يحرك رأسه ويرفعه ويخفضه لغير معنى ، فشبه من يرفع رأسه قبل إمامه بالحمار ، وكذلك شبه من يتكلم وإمامه يخطب بالحمار يحمل أسفارا ؛ لأنه لم ينتفع بسماع الذكر ، فصار [ ص: 164 ] كالحمار في المعنى . والله أعلم .

وقد اختلف العلماء فيمن تعمد رفع رأسه قبل إمامه في ركوعه أو سجوده : هل تبطل بذلك صلاته ، أم لا ؟

وفيه وجهان لأصحابنا ، وأكثرهم على البطلان ، وروي عن ابن عمر .

وقال القاضي أبو يعلى : لا تبطل بذلك ، وهو قول أكثر الفقهاء .

فعلى هذا ، فهل يؤمر أن يعود إلى ركوعه وسجوده ليرفع بعد إمامه ، أم لا ؟

قال بعض المتأخرين من أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي : لا يؤمر بذلك ، ومتى عاد بطلت صلاته لأنه يصير قد زاد في صلاته ركنا عمدا .

وقد روى مالك في ( الموطأ ) أن السنة في الساهي إذا رفع رأسه قبل إمامه أن يعود ، ولا يقف ينتظره ، فذلك خطأ ممن فعله .

ومفهومه : أن العامد ليس كذلك .

وأكثر العلماء من أصحابنا وغيرهم يقتضي أنه يلزمه أن يعود لرفع بعد إمامه .

وقد بسطنا القول على هذا في الباب الماضي ، فلا حاجة إلى إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية