صفحة جزء
[ ص: 178 ] 55 - باب

إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

662 694 - حدثنا الفضل بن سهل ، ثنا الحسن بن موسى الأشيب ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) .


تفرد البخاري بتخريج هذا الحديث عن مسلم ، وبتخريج حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، مع أنه قد ضعفه ابن معين وغيره ، وقال علي بن المديني : في بعض ما يرويه منكرات لا يتابع عليها ، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء .

وقد خرجه ابن حبان في ( صحيحه ) من وجه آخر عن أبي هريرة ، من رواية أبي أيوب الأفريقي ، عن صفوان بن سليم ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( سيأتي - أو يكون - أقوام يصلون الصلاة ، فإن أتموا فلكم ولهم ، وإن نقصوا فعليهم ولكم ) .

وقد روي - أيضا - من رواية أبي صالح السمان والحسن ، عن أبي هريرة ، ولكن إسنادهما لا يصح .

وخرج ابن ماجه والحاكم في ( المستدرك ) من حديث عبد الحميد بن [ ص: 179 ] سليمان ، ثنا أبو حازم ، قال : كان سهل بن سعد الساعدي يقدم فتيان قومه يصلون بهم ، فقيل له : تفعل هذا ولك من القدم ما لك ؟ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الإمام ضامن ، فإن أحسن فله ولهم ، وإن أساء ، يعني : فعليه ولا عليهم ) .

وقد ذكر هذا الحديث الإمام أحمد ، فقال : ما سمعت بهذا قط .

وهذا يشعر باستنكاره له .

وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ، ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم ) .

وفي إسناده اختلاف ، وقد روي مرسلا .

وفي المعنى أحاديث أخر متعددة في أسانيدها مقال .

وقد استدل البخاري بهذا الحديث على أن من صلى خلف من لا يتم صلاته فأتم صلاته ، فإن صلاته صحيحة ، ودخل في هذا : من صلى خلف محدث ، يعلم حدث نفسه أو لا يعمله ، وقد سبق الكلام على ذلك ، ومن صلى خلف إمام يؤخر الصلاة عن مواقيتها ، وقد سبق الكلام عليه - أيضا - ، ومن صلى خلف من ترك ركنا أو شرطا في صلاته متأولا ، والمأموم يخالف تأويله .

وفي صحة صلاته وراءه قولان ، هما روايتان عن أحمد ، كمن صلى خلف من مس ذكره ، أو احتجم ولم يتوضأ ، ومن صلى خلف من لا يتم ركوعه وسجوده ، وأتمه المأموم أجزأته صلاته ، كذا قال علقمة والأوزاعي .

وسئل أحمد عمن قام إمامه قبل أن يتم تشهده الأول ، فذكر قول علقمة ، [ ص: 180 ] يعني : أنه يتمه ثم يقوم .

وسئل سفيان الثوري عمن صلى خلف من يسرع الركوع والسجود ؟ قال : تمم أنت والحق به .

وقال يحيى بن آدم : صليت خلف رجل فأعدت صلاتي من سوء صلاته .

وقال أحمد في إمام لا يتم ركوعه ولا سجوده : لا صلاة له ، ولا لمن خلفه ، نقله عنه أبو طالب .

ونقل عنه ابن القاسم ما يدل على أن من خلفه إذا أتم فلا إعادة عليه .

وهذا يرجع إلى ما ذكرنا ؛ فإن من صور هذا الاختلاف : من ترك الطمأنينة متأولا ، وصلى خلفه من يرى وجوب ذلك واطمأن .

وأكثر كلام أحمد يدل على أنه يفرق بين التأويلات الضعيفة المخالفة للسنن الصحيحة فلا يمنع من الصلاة خلف متأولها ، كما نص على أنه لا يصلى خلف من يقول : الماء من الماء ، ولا من ترك قراءة الفاتحة في بعض الركعات على التأويل ، وأنه يصلى خلف من لا يتوضأ من خروج الدم ، ولا من أكل لحم الإبل ، ولا من مس الذكر ، أو يصلي في جلود الثعالب على التأويل .

وسوى أبو بكر عبد العزيز بن جعفر وأكثر أصحابنا بين الجميع ، والصحيح التفرقة .

ولهذا نص الشافعي وأحمد على أنه لا يحد الناكح بلا ولي ، ويحد من شرب النبيذ متأولا ، ونص أحمد على أن الفرق هو : ضعف التأويل في شرب النبيذ خاصة .

وقال سفيان الثوري : لا يصلى خلف من مسح على رجليه ، ومن صلى خلفه أعاد الصلاة .

وقال شريك : لا يصلى خلفه ، ولا تعاد الصلاة .

[ ص: 181 ] وقد استدل بالأحاديث المذكورة في هذا الباب من كره الإمامة ، وقد كره أن يؤم الناس جماعة من الصحابة ، منهم : حذيفة وعقبة بن عامر .

وقال حذيفة : لتبتغن إماما غيري ، أو لنصلين وحدانا .

وسئل أحمد عن الرجل يؤم الناس : هل له في ذلك ثواب ؟ قال : إن كان في قرية هو أقرأ القوم ، أو في موضع هو أقرؤهم فليتقدمهم .

وسئل عن الرجل يكون أقرأ القوم ، فيقال له : تقدم ، فيأبى ؟ قال : ينبغي له أن يتقدم ، يؤم القوم أقرؤهم ، قيل له : يجب عليه ؟ فقال : ينبغي له أن يتقدم يؤم القوم ، ولم يقل : يجب عليه .

وسئل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإمام ضامن ) ؟ فقال : هذا على التأكيد على الإمام .

وهذا الحديث ، خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي إسناده اختلاف كثير أشار الترمذي إلى بعضه ، وقد بسطت القول فيه في ( شرح الترمذي ) بحمد الله ومنه .

روى وكيع في ( كتابه ) عن علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني من لا أتهم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبادروا الأذان ، ولا تبادروا الإمامة ) .

وعن ابن عون ، قال : ذكر عند الشعبي أن الإمام ضامن لصلاة القوم ، فقال : والله إني لأرجو إن أحسن أن يتقبل الله منه ، وإن أساء أن يغفر له .

التالي السابق


الخدمات العلمية