صفحة جزء
[ ص: 198 ] 59 - باب

إذا لم ينو الإمام أن يؤم ، ثم جاء قوم فأمهم

667 699 - حدثنا مسدد ، قال : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : بت عند خالتي ميمونة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فقمت أصلي معه ، فقمت عن يساره ، فأخذ برأسي وأقامني عن يمينه .


استدل البخاري بهذا على أن من أحرم بالصلاة منفردا ، ثم حضر في أثناء الصلاة من ائتم به ، فإنه ينوي الإمامة ، وتصح صلاته وصلاة من ائتم به على هذه الحال .

فتضمن ذلك مسألتين مختلفا فيهما :

إحداهما :

أن من لم ينو الإمامة في ابتداء صلاته : هل يصح أن يأتم به غيره ، أم لا ؟ وفي المسألة أقوال :

أحدها : يجوز ذلك ، فلا يشترط أن ينوي الإمام الإمامة ، بل لو نوى المأموم الاقتداء بمنفرد جاز ، هذا قول مالك والشافعي والثوري - في رواية - وزفر ، وحكي رواية عن أحمد .

والقول الثاني : لا يجوز بحال ، وهو ظاهر مذهب أحمد ، وقول الثوري في رواية إسحاق .

واستدل لهم بأن الجماعة قربة وعبادة ، فلا تنعقد إلا بإمام ومأموم ، وفضلها [ ص: 199 ] مشترك بينهما ، فلا يحصل لهما ذلك بدون النية ، عملا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لامرئ ما نوى ) .

وأجاب بعض أصحابنا عن حديث ابن عباس ، بأن النبي صلى الله عليه وسلم إمام الخلق على كل حال ، فلا يحتاج إلى نية الإمامة ، فلا يلحق به غيره .

والقول الثالث : يصح ذلك في الفرض دون النفل ، وهو رواية منصوصة عن أحمد ، استدلالا بحديث ابن عباس هذا .

والقول الرابع : إن أم رجل رجلا لم يحتج أن ينوي الإمامة ، وإن أم امرأة احتاج إلى نية الإمامة ، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه .

المسألة الثانية :

إذا أحرم منفردا ، ثم نوى الإمامة ، وفي - أيضا - أقوال :

أحدها : أنه لا يجوز ذلك ، وهو قول أكثر أصحابنا ، بناء على أصلهم في أن الإمام يشترط أن ينوي الإمامة على ما سبق ، فيصير ذلك من ابتداء صلاته .

والثاني : يجوز ذلك ، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ، بناء على أصولهم في أن نية الإمام للإمامة ليست شرطا ، على ما سبق .

ووافقهم بعض أصحابنا لمعنى آخر ، وهو : أن طرفي الصلاة يجوز أن يكون في أولها إماما وفي الآخر منفردا ، وهو المسبوق إذا استخلفه الإمام ، فكذا بالعكس .

والثالث : أنه يجوز في الفرض دون النفل ، وهو المنصوص عن أحمد ؛ لحديث ابن عباس هذا .

والظاهر : أن النبي صلى الله عليه وسلم نوى إمامته حينئذ ؛ لأنه أداره إلى يمينه ، وأوقفه موقف المأموم .

[ ص: 200 ] وفي معناه : حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان في حجرته ، واقتداء الناس به في المسجد ، وسيذكره البخاري فيما بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية