صفحة جزء
[ ص: 315 ] 86 - باب

رفع اليدين إذا قام من الركعتين

706 739 - حدثنا عياش ، ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا عبيد الله ، عن نافع ، أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه ، وإذا ركع رفع يديه ، وإذا قال : ( سمع الله لمن حمده ) رفع يديه ، وإذا قام من الركعتين رفع يديه ، ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

ورواه حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ورواه إبراهيم بن طهمان ، عن أيوب وموسى بن عقبة ، مختصرا .


عياش ، هو : ابن الوليد الرقام البصري .

وعبد الأعلى ، هو : ابن عبد الأعلى الشامي البصري .

وقد روى هذا الحديث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مرفوعا .

وإنما رواه الناس عن عبيد الله - موقوفا - ، منهم : عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن بشر ، إلا أن محمدا لم يذكر فيه : الرفع إذا قام من الركعتين .

وكذلك رواه أصحاب نافع عنه موقوفا .

فلهذا المعنى احتاج البخاري إلى ذكر من تابعه عبد الأعلى على رفعه ؛ ليدفع ما قيل من تفرده به .

فقد قال الإمام أحمد في رواية المروذي وغيره : رواه عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وبلغني أن عبد الأعلى رفعه .

وقد روي عن أحمد ، أنه صحح رفعه ، وسنذكره إن شاء الله سبحانه وتعالى .

[ ص: 316 ] وقال الدارقطني في ( العلل ) : أشبهها بالصواب عن عبيد الله ما قاله عبد الأعلى ، ثم قال : والموقوف عن نافع أصح .

وخرجه أبو داود في ( السنن ) ، عن نصر بن علي ، عن عبد الأعلى ، كما خرجه البخاري مرفوعا .

ثم قال : الصحيح قول ابن عمر ، وليس بمرفوع ، قال : روى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده ، قال : ورواه الثقفي ، عن عبيد الله ، أوقفه على ابن عمر ، وقال فيه : إذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه ، وهذا هو الصحيح .

ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفا ، وأسنده حماد بن سلمة وحده ، عن أيوب ، ولم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين ، وذكره الليث في حديثه ، انتهى .

وقد رفعه بعضهم عن مالك ، ولا يصح ، قد رواه رزق الله بن موسى ، عن يحيى القطان ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه نحو صدره ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع بعد ذلك .

قال العقيلي والدارقطني : لا يتابع رزق الله على رفعه .

وذكر الدارقطني : أن عبد الله بن نافع الصائغ وخالد بن مخلد وإسحاق الجندي رووه ، عن مالك مرفوعا .

قال : ولا يصح ذلك في حديث مالك ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع في كل رفع ووضع ، وقال : وهذا وهم على مالك في رفعه ولفظه .

قال : ورواه إسماعيل بن عياش ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع ، عن [ ص: 317 ] ابن عمر - مرفوعا - أيضا .

وإسماعيل سيئ الحفظ لحديث الحجازيين .

ورواه إسماعيل - أيضا - عن موسى بن عقبة وعبيد الله كلاهما ، عن نافع ، عن ابن عمر - مرفوعا - في التكبير في هذه المواضع الأربعة ، دون الرفع .

وأما رواية إبراهيم بن طهمان التي استشهد بها البخاري ، فخرجها البيهقي من رواية إبراهيم بن طهمان ، عن أيوب بن أبي تميمة وموسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا استوى قائما من ركوعه حذو منكبيه ، ويقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك .

ولم يذكر في حديثه : الرفع إذا قام من الركعتين .

وهذا هو الرفع الذي أشار إليه البخاري .

قال الدارقطني : وتابع إبراهيم بن طهمان : حماد بن سلمة ، عن أيوب ، وقيل : عن هدبة ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، وإنما أراد : حماد بن سلمة ، والله أعلم .

والصحيح : عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، موقوفا .

وكذا قال أبو ضمرة ، عن موسى بن عقبة .

قال : وروي عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر - مرفوعا - ، قاله محمد بن شعيب بن شابور .

وروي عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا .

ورواه إسماعيل بن أمية والليث ، عن نافع ، عن ابن عمر موقوفا .

قال : والموقوف عن نافع أصح . انتهى .

[ ص: 318 ] قال : وروي عن يحيى بن أبي كثير ، عن نافع وسالم ، عن ابن عمر ، مرفوعا .

قلت : هو غير محفوظ عن يحيى ، وهذا هو المعروف عن الإمام أحمد وقول أبي داود والدارقطني .

فرواية نافع ، عن ابن عمر ، الأكثرون على أن وقفها أصح من رفعها ، وكل هؤلاء لم يذكروا في رواياتهم القيام من الثنتين ، وصحح رفعها البخاري والبيهقي .

قال ابن عبد البر : هذا أحد الأحاديث الأربعة التي اختلف فيها سالم ونافع ، فرفعها سالم ووقفها نافع ، والقول فيها قول سالم ، ولم يلتفت الناس إلى نافع ، هذا أحدها ، والثاني : حديث : ( فيما سقت السماء العشر ) ، والثالث : حديث ( من باع عبدا وله مال ) ، والرابع : حديث ( تخرج نار من قبل اليمن ) . انتهى .

وقال النسائي والدارقطني : أحاديث نافع الثلاثة الموقوفة أولى بالصواب .

ورجح أحمد وقف : ( فيما سقت السماء ) وتوقف في حديث : ( من باع عبدا له مال ) ، وقال : إذا اختلف سالم ونافع فلا يقضى لأحدهما .

يشير إلى أنه لا بد من الترجيح بدليل .

وقد روي الرفع إذا قام من الركعتين من رواية سالم ، عن ابن عمر .

خرجه النسائي من طريق معتمر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا أراد أن يركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا قام من الركعتين ، [ ص: 319 ] يرفع يديه كذلك حذاء المنكبين .

وروي - أيضا - عن الثقفي ، عن عبيد الله ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أنه كان إذا نهض رفع يديه .

فتبسم ، وقال : كم روي هذا عن الزهري ، ليس فيه هذا ، وضعفه .

ورواه - أيضا - أبو سعيد ابن الأعرابي ، عن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن عاصم ، عن عبيد الله بن عمر كذلك .

وذكر الدارقطني في ( العلل ) : أن معتمر بن سليمان والثقفي روياه عن عبيد الله بن عمر مرفوعا ، وذكرا فيه : الرفع إذا قام من الثنتين .

ورواه ابن المبارك ، عن عبيد الله ، فلم يذكر : الرفع إذا قام من الثنتين .

ورواه - أيضا - إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية ، عن أيوب ، عن سالم ، عن ابن عمر .

خرجه الطبراني .

وهذا غير محفوظ عن أيوب .

وقد روي عن ابن عمر - مرفوعا - من وجه آخر .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود من طريق محمد بن فضيل ، عن عاصم بن كليب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الركعتين كبر ورفع يديه .

[ ص: 320 ] وخالفه عبد الواحد بن زياد ، فرواه عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر - موقوفا - في الرفع عند الإحرام والركوع والرفع منه خاصة .

قال الدارقطني : وكذلك رواه أبو إسحاق الشيباني والنضر بن محارب بن دثار ، عن محارب ، عن ابن عمر ، موقوفا .

وقد روي الرفع إذا قام من الركعتين في حديث أبي حميد وأصحابه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق ذكره .

وفي حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

خرجهما أبو داود وغيره .

وقد تكلم في حديث أبي هريرة أبو حاتم الرازي والدارقطني .

وأما حديث علي ، فصححه الإمام أحمد والترمذي .

وقد اختلف العلماء في الرفع إذا قام من التشهد الأول :

فأكثرهم على أنه غير مستحب ، حتى ادعى أبو حامد الإسفراييني من أعيان الشافعية الإجماع على ذلك ، وجعله دليلا على نسخ الأحاديث الواردة فيه .

وليس الأمر كما قال .

واستحبه طائفة من العلماء ، كما ذكره البخاري والنسائي في ( كتابيهما ) .

وقال حرب الكرماني : حدثنا أحمد بن حنبل ، ثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا الربيع بن صبيح ، قال : رأيت الحسن وابن سيرين وعطاء وطاوسا ومجاهدا ونافعا وقتادة وابن أبي نجيح والحسن بن مسلم إذا دخلوا في الصلاة كبروا ورفعوا أيديهم ، وإذا كبروا للركوع رفعوا أيديهم .

غير أن أهل الحجاز كانوا يرفعون أيديهم إذا قاموا من الركعتين من الفريضة ، [ ص: 321 ] وكانوا يقعون على أعقابهم .

والمشهور عن الشافعي وأحمد ، أنه لا يرفع إذا قام من الركعتين .

قال أحمد : أنا لا أستعمله ولا أذهب إليه ، واستدل بحديث ابن عمر ، وقال فيه : وكان لا يرفع بعد ذلك ، أي : بعد المواضع الثلاثة .

وهذا الحديث بهذا اللفظ قد سبق من رواية رزق الله بن موسى ، عن يحيى القطان ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر - مرفوعا - ، وأنه لا يصح رفعه .

ورواه - أيضا - بشير الكوسج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في أول التكبير ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، ثم يكبر بعد ذلك ولا يرفع يديه .

قال بشير : وحدثني الحسن بن عثمان المديني ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثل ذلك .

وبشير هذا غير مشهور ، وقد ذكره الحاكم في ( تاريخ نيسابور ) ، وذكر أنه روى عنه جماعة .

وقال إسحاق بن إبراهيم : سئل أحمد : إذا نهض الرجل من الركعتين يرفع يديه ؟ قال : إن فعله فما أقربه ، فيه عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي حميد أحاديث صحاح ، ولكن قال الزهري في حديثه : ولم يفعل في شيء من صلاته ، وأنا لا أفعله .

وهذا اللفظ لا يعرف في حديث الزهري .

وذكر القاضي أبو يعلى : أن هذه الرواية عن أحمد تدل على جوازه ، من غير استحباب .

[ ص: 322 ] وحكي عن أحمد رواية باستحبابه .

قال البيهقي في كتاب ( مناقب الإمام أحمد ) : أنبأني أبو عبد الله الحافظ - يعني : الحاكم - ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي عن حديث عبد الأعلى ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، في رفع اليدين ، وكان إذا قام من الثنتين رفع يديه ، فقال : سنة صحيحة مستعملة ، وقد روى مثلها علي بن أبي طالب وأبو حميد في عشرة من الصحابة ، وأنا أستعملها .

قال الحاكم أبو عبد الله : سئل الشيخ أبو بكر - يعني : ابن إسحاق - عن ذلك ؟ فقال : أنا أستعملها ، ولم أر من أئمة الحديث أحدا يرجع إلى معرفة الحديث إلا وهو يستعملها .

وهذه الرواية غريبة عن أحمد جدا ، لا يعرفها أصحابنا ، ورجال إسنادها كلهم حفاظ مشهورون ، إلا أن البيهقي ذكر أن الحاكم ذكرها في كتاب ( رفع اليدين ) وفي كتاب ( مزكي الأخبار ) ، وأنه ذكرها في ( كتاب التاريخ ) بخلاف ذلك عند القيام من الركعتين ، فوجب التوقف . والله أعلم .

وحكي ذلك - أيضا - قولا للشافعي ؛ لأنه ذكر حديث أبي حميد الساعدي بطوله ، قال : وبهذا نقول .

قال البيهقي في ( كتاب المعرفة ) : ومذهب الشافعي متابعة السنة إذا ثبتت ، وقد قال في حديث أبي حميد : وبهذا أقول .

وقال البغوي : لم يذكر الشافعي رفع اليدين إذا قام من الثنتين ، ومذهبه اتباع السنة ، وقد ثبت ذلك .

وذهب إلى هذا طائفة من أهل الحديث ، منهم : ابن المنذر ، ومن أصحاب [ ص: 323 ] الشافعي ، منهم : أبو علي الطبري والبيهقي والبغوي وغيرهم من المتأخرين ، ورجحه - أيضا - طائفة من المتأخرين من أصحابنا ، قالوا : وهو دون الرفع في الإحرام والركوع والرفع منه في الاستحباب .

فأما الرفع للسجود وللرفع منه ، فلم يخرج في ( الصحيحين ) منه شيء ، وقد خرج البخاري في حديث ابن عمر : وكان لا يفعل ذلك في السجود .

وفي رواية له - أيضا - : وكان لا يفعل ذلك حين يسجد ، ولا حين يرفع من السجود ، وقد سبقت الروايتان .

وهذا قول جمهور العلماء ، وقد نص عليه الشافعي وأحمد .

وسئل أحمد : أليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه فعله ؟ فقال : هذه الأحاديث أقوى وأكثر .

وروى هذا الحديث بقية ، عن الزبيدي ، عن الزهري - وابن أخي الزهري ، عن عمه - وزاد في روايته بعد قوله ولا يرفعهما في السجود : ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع حتى تنقضي صلاته .

خرجه أبو داود من طريق بقية .

والإمام أحمد من الطريق الأخرى ، وعنده : ( في كل ركعة وتكبيرة ) إلى آخره .

وذهب طائفة إلى استحباب رفع اليدين إذا قام من السجود ، منهم : ابن المنذر وأبو علي الطبري من الشافعية .

[ ص: 324 ] واستدلوا : بما روى محمد بن جحادة ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه ، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا كبر رفع يديه ، قال : ثم التحف ، ثم أخذ شماله بيمينه ، فأدخل يديه في ثوبه ، فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما ، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه ، فإذا رفع رأسه - أيضا - من السجود رفع يديه حتى فرغ من صلاته .

خرجه أبو داود .

وخرجه مسلم إلى قوله : ( فلما سجد سجد بين كفيه ) ، ولم يذكر ما بعده .

وقالت طائفة : يرفع يديه مع كل تكبيرة ، وكلما خفض ورفع ، وهو قول بعض أهل الظاهر .

وقال أحمد بن أصرم المزني : رأيت أحمد يرفع يديه في كل خفض ورفع ، وسئل عن رفع اليدين إذا قام من الركعتين ؟ فقال : قد فعل .

وحمل القاضي أبو يعلى هذه الرواية على الجواز دون الاستحباب .

ونقل المروذي ، عن أحمد ، قال : لا يرفع يديه بين السجدتين ، فإن فعل فهو جائز .

ونقل جعفر بن محمد ، عن أحمد ، قال : يرفع يديه في كل موضع ، إلا بين السجدتين .

وروى محارب بن دثار ، أنه رأى ابن عمر يرفع يديه إذا ركع وسجد .

وروى أبو أسامة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه [ ص: 325 ] كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى .

وروى حماد بن سلمة ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، عن أنس ، أنه كان يرفع يديه من السجدتين .

وروي ذلك - أيضا - عن الحسن وابن سيرين وطاوس ونافع وأيوب .

ذكره ابن أبي شيبة في ( كتابه ) .

وروى شعبة ، عن قتادة ، عن نصر بن عاصم ، عن مالك بن الحويرث ، أنه رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الصلاة إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من ركوعه ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه .

خرجه النسائي .

وخرجه - أيضا - من طريق هشام ، عن قتادة ، بنحوه ، إلا أنه لم يذكر فيه : الرفع إذا سجد .

وخرجه مسلم من رواية سعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة ، عن قتادة .

ولم يذكر فيه سوى الرفع في المواضع الثلاثة الأول خاصة .

وروى شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن عبد الرحمن اليحصبي ، عن وائل بن حجر ، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يكبر إذا خفض وإذا رفع ، ويرفع يديه عند التكبير ، ويسلم عن يمينه وعن يساره .

[ ص: 326 ] قال الإمام أحمد : أنا لا أذهب إلى حديث وائل بن حجر ، وهو مختلف في ألفاظه .

ويجاب عن هذه الروايات كلها - على تقدير أن يكون ذكر الرفع فيها محفوظا ، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع - بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة ، وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين ، فلعلهما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرة ، وقد عارض ذلك نفي ابن عمر ، مع شدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها ، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين .

وقد روي في الرفع عند السجود وغيره أحاديث معلولة :

فروى الثقفي : حدثنا حميد ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد . خرجه الدارقطني . وخرجه ابن ماجه إلى قوله : ( وإذا ركع ) .

وخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) إلى قوله : ( وإذا رفع رأسه ) .

وقد أعل هذا بأنه قد رواه غير واحد من أصحاب حميد ، عن حميد ، عن أنس ، من فعله غير مرفوع .

كذا قاله البخاري ، نقله عنه الترمذي في ( علله ) .

وقال الدارقطني : الصواب من فعل أنس .

[ ص: 327 ] وروى إسماعيل بن عياش ، عن صالح بن كيسان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه ، حين يفتتح الصلاة ، وحين يركع ، وحين يسجد .

خرجه الإمام أحمد وابن ماجه .

زاد الإمام أحمد : وعن صالح ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل ذلك .

وإسماعيل بن عياش ، سيئ الحفظ لحديث الحجازيين .

وقد خالفه ابن إسحاق ، فرواه عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة - موقوفا - ، قاله الإمام أحمد وغيره .

وقال الدارقطني في ( علله ) : اختلف على إسماعيل بن عياش في لفظه ، فذكرت عنه طائفة الرفع عند الافتتاح والركوع والسجود ، وذكرت طائفة عنه الرفع عند الافتتاح والركوع والرفع منه .

قال : وهو أشبه بالصواب .

وروى عمرو بن علي ، عن ابن أبي عدي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أنه كان يرفع يديه في كل خفض ورفع ، ويقول : أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم .

خرجه الدارقطني في كتاب ( العلل ) ، وقال : لا يتابع عليه عمرو بن علي ، وغيره يرويه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع ، وهو الصحيح .

وروى الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الصلاة في كل خفض ورفع .

[ ص: 328 ] وفي رواية : كان يرفع يديه حين يهوي للسجود .

قال الوليد : وبهذا كان يأخذ الأوزاعي .

خرجه ابن جوصا في ( مسند الأوزاعي ) .

وقد اختلف على الوليد في إرساله ووصله ، ولم يسمعه من الأوزاعي ، بل دلسه عنه ، وهو يدلس عن غير الثقات .

وروى الإمام أحمد : ثنا نصر بن باب ، عن حجاج ، عن الذيال بن حرملة ، عن جابر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في كل تكبيرة في الصلاة .

نصر بن باب ، وحجاج بن أرطاة ، لا يحتج بهما .

وروى رفدة بن قضاعة ، عن الأوزاعي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن جده عمير بن حبيب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة .

خرجه ابن ماجه .

وقال مهنا : سألت أحمد ويحيى عن هذا الحديث ، فقالا جميعا : ليس بصحيح ، قال أحمد : لا يعرف رفدة بن قضاعة ، وقال يحيى : هو شيخ ضعيف .

وخرج ابن ماجه - أيضا - من رواية عمر بن رياح ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل تكبيرة .

[ ص: 329 ] وعمر بن رياح ساقط الرواية .

لكن تابعه النضر بن كثير أبو سهل الأزدي ، قال : صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس بمنى في مسجد الخيف ، فكان إذا سجد سجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه ، فأنكرت أنا ذلك ، فقال عبد الله بن طاوس : رأيت أبي يصنعه ، وقال أبي : رأيت ابن عباس يصنعه ، وقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه .

خرجه النسائي .

وخرجه أبو داود ، وعنده : ولا أعلم إلا أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه .

والنضر بن كثير ، قال البخاري : فيه نظر ، وقال مرة : عنده مناكير .

قال أبو أحمد الحاكم : هذا حديث منكر من حديث طاوس .

وقال العقيلي : لا يتابع النضر عليه .

وقال ابن عدي : هو ممن يكتب حديثه .

وخرج له هذا الحديث ، وعنده : أنه كان يرفع يديه كلما ركع وسجد ، ويرفع بين السجدتين .

وضعف الإمام أحمد النضر هذا .

وقال أبو حاتم والدارقطني : فيه نظر .

وقال النسائي : صالح .

[ ص: 330 ] وخرج أبو داود من حديث ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن ميمون المكي ، أنه رأى عبد الله بن الزبير يصلي بهم يشير بكفيه حين يقوم ، وحين يركع ، وحين يسجد ، وحين ينهض للقيام ، فيقوم فيشير بيديه . قال : فانطلقت إلى ابن عباس ، فقلت : إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا صلاها ، ووصفت له هذه الإشارة ، فقال : إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير . إسناده ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية