صفحة جزء
[ ص: 442 ] 101 - باب

القراءة في العشاء بالسجدة

734 768 - حدثنا مسدد ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا التيمي ، عن بكر ، عن أبي رافع ، قال : صليت مع أبي هريرة العتمة ، فقرأ إذا السماء انشقت فسجد ، فقلت : ما هذه ؟ قال : سجدت بها خلف أبي القاسم ، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه .


قد ذكرنا أن هذا الحديث إنما فيه التصريح بالسجود في صلاة العشاء عن أبي هريرة ، وليس فيه تصريح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيأتي في موضع آخر -إن شاء الله تعالى- قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في فجر يوم الجمعة ب : الم تنزيل السجدة .

والظاهر : أنه كان يسجد فيها ، ولو لم يكن يسجد فيها لنقل إخلاله بالسجود فيها ، فإنه يكون مخالفا لسنته المعروفة في السجود فيها ، ولم يكن يهمل نقل ذلك ، فإن هذه السورة تسمى سورة السجدة ، وهذا يدل على أن السجود فيها مما استقر عليه العمل به عند الأمة .

وجمهور العلماء على أن الإمام لا يكره له قراءة سجدة في صلاة الجهر ، ولا السجود لها فيها ، وروي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة ، وهو قول الشافعي وأحمد وغيرهما .

واختلف فيه عن مالك ، فروي عنه كراهته ، وروي عنه أنه قال : لا بأس به إذا لم يخف أن يغلط على من خلفه صلاته .

وكأنه يشير إلى أنه إذا كثر الجمع وأدى السجود إلى تغليط من بعد عن [ ص: 443 ] الإمام ؛ لظنه أنه يكبر للركوع فركع .

وأما قراءة الإمام في صلاة السر سورة فيها سجدة ، فاختلفوا في ذلك :

فكرهه كثير من العلماء ، منهم : مالك والثوري وأبو حنيفة وأحمد .

وعللوا الكراهة بتغليط المأمومين ، وأنه ربما اعتقدوا أنه سها في صلاته فيتخلف بعضهم عن متابعته وتختبط صلاتهم .

ثم اختلفوا فيما إذا قرأها : هل يسجد ، أم لا ؟

فقال أكثرهم : يسجد ، وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة .

والسجود عند مالك مستحب ، وعندهما واجب ؛ بناء على أصلهما في وجوب سجود التلاوة .

وقالوا : متى سجد لزم المأمومين متابعته في السجود .

وقال أحمد وأصحابه : يكره أن يسجد ، فإن فعل لم يلزم المأموم متابعته ، بل يخير في ذلك ؛ لأن إمامه فعل مكروها لا يبطل صلاته ، فخير في متابعته وترك متابعته .

وكذا قال الثوري في إمام سجد ، يظن أنه قرأ سجدة فسجد فيها : لا يتبعه من خلفه .

وقالت طائفة : لا يكره قراءة السجدة في صلاة السر ولا السجود لها ، وعلى المأموم متابعته ، وهو قول الشافعي وإسحاق .

ومن الشافعية من قال : يستحب تأخير السجود لها حتى يفرغ من الصلاة ، فيسجد حينئذ للتلاوة .

واستدلوا بما روى سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر ، فرأى أصحابه أنه قرأ [ ص: 444 ] تنزيل السجدة .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود .

ولم يسمعه التيمي عن أبي مجلز .

قال الدارقطني : وقيل : عنه ، عن أبي أمية ، عن أبي مجلز ، قال : ويشبه أن يكون : عبد الكريم أبو أمية ، وكذا قاله إبراهيم بن عرعرة .

وقال في موضع آخر : أمية مجهول .

وذكر البيهقي أنه قيل فيه : ( مية ) - أيضا - بغير ألف .

وروي بهذا الإسناد عن أبي مجلز مرسلا .

قال الإمام أحمد في هذا الحديث : ليس له إسناد ، وقال أيضا : لم يسمعه سليمان من أبي مجلز ، وبعضهم لا يقول فيه : عن ابن عمر ، يعني : جعله مرسلا .

وخرج أبو يعلى الموصلي في ( مسنده ) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر ، فظننا أنه قرأ تنزيل السجدة .

ويحيى هذا ضعيف جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية