صفحة جزء
[ ص: 498 ] 112 - باب

فضل التأمين

748 781 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، ثنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء : آمين ، فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه ) .


وخرج مسلم من رواية أبي يونس ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال أحدكم في الصلاة : آمين ، والملائكة في السماء : آمين ، فوافق إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه ) .

ومن رواية سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال القارئ : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال من خلفه : آمين ، فوافق قوله قول أهل السماء ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) .

وروى إسحاق بن راهويه ، حدثنا جرير ، ثنا ليث ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال : آمين ، فوافق آمين أهل الأرض آمين أهل السماء ، غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه ، ومثل من لا يقول : آمين ، كمثل رجل غزا مع قوم فاقترعوا ، فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه ، فقال : لم لم يخرج سهمي ؟ فقيل : إنك لم تقل آمين ) .

قال أبو هريرة : وكان الإمام إذا قال : ولا الضالين جهر بآمين .

[ ص: 499 ] كعب هذا ، قال أحمد : لا أدري من هو ، وقال أبو حاتم : مجهول لا يعرف .

وقد ذكرنا - فيما تقدم - أن الحديث على ظاهره ، وأن الملائكة في السماء تؤمن على قراءة المصلين في الأرض للفاتحة .

وفي ( صحيح مسلم ) من رواية العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين قال الله : حمدني عبدي ، فإذا قال : الرحمن الرحيم قال الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال : مالك يوم الدين قال : مجدني عبدي - وقال مرة : فوض إلي عبدي - ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل ) .

فهذا الحديث يدل على أن الله يستمع لقراءة المصلي حيث كان مناجيا له ، ويرد عليه جواب ما يناجيه به كلمة كلمة ، فأول الفاتحة حمد ، ثم ثناء ، وهو تثنية الحمد وتكريره ، ثم تمجيد ، والثناء على الله بأوصاف المجد والكبرياء والعظمة ، ثم ينتقل العبد من الحمد والثناء والتمجيد إلى خطاب الحضور ، كأنه صلح حينئذ للتقريب من الحضرة ، فخاطب خطاب الحاضرين ، فقال : إياك نعبد وإياك نستعين

وهذه الكلمة قد قيل : إنها تجمع سر الكتب المنزلة من السماء كلها ؛ لأن [ ص: 500 ] الخلق إنما خلقوا ليؤمروا بالعبادة ، كما قال : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وإنما أرسلت الرسل وأنزلت الكتب لذلك ، فالعبادة حق الله على عباده ، ولا قدرة للعباد عليها بدون إعانة الله لهم ، فلذلك كانت هذه الكلمة بين الله وبين عبده ؛ لأن العبادة حق الله على عبده ، والإعانة من الله فضل من الله على عبده .

وبعد ذلك الدعاء بهداية الصراط المستقيم ؛ صراط المنعم عليهم ، وهم الأنبياء وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين ، كما ذكر ذلك في سورة النساء .

فمن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة ، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة ، ومن خرج عنه فهو إما مغضوب عليه ، وهو من يعرف طريق الهدى ولا يتبعه كاليهود ، أو ضال عن طريق الهدى كالنصارى ونحوهم من المشركين .

فإذا ختم القارئ في الصلاة قراءة الفاتحة ، أجاب الله دعاءه فقال : ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) وحينئذ تؤمن الملائكة على دعاء المصلي ، فيشرع للمصلين موافقتهم في التأمين معهم ، فالتأمين مما يستجاب به الدعاء .

وفي ( صحيح مسلم ) عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا : آمين ، يجبكم الله ) .

ولما كان المأموم مأمورا بالإنصات لقراءة الإمام ، مأمورا بالتأمين على دعائه عند فراغ الفاتحة ؛ لم يكن عليه قراءة ؛ لأنه قد أنصت للقراءة ، وأمن على الدعاء ، فكأنه دعا ، كما قال كثير من السلف في قول الله تعالى لموسى [ ص: 501 ] وهارون : قد أجيبت دعوتكما قالوا : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما داعيين .

التالي السابق


الخدمات العلمية