صفحة جزء
[ ص: 271 ] 7 - باب

المضمضة والاستنشاق في الجنابة

256 259 - حدثنا عمر بن حفص ، ثنا أبي : حدثني الأعمش : حدثني سالم ، عن كريب ، عن ابن عباس ، قال : ثنا ميمونة قالت : صببت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا ، فأفرغ بيمينه على يساره ، فغسلهما . ثم غسل فرجه ، ثم قال بيده على الأرض ، فمسحها بالتراب ، ثم غسلها . ثم تمضمض واستنشق ، ثم غسل وجهه ، وأفاض على رأسه . ثم تنحى فغسل قدميه ، ثم أتي بمنديل ، فلم ينفض بها .


المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة مذكور في حديث ميمونة ، وفي حديث عائشة أيضا كما سبق - أنه مضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا .

وقد أشرنا فيما تقدم إلى الاختلاف في وجوب المضمضة [...] والاستنشاق في غسل الجنابة .

فمن أوجبهما في الوضوء ، أو أوجب الاستنشاق وحده في الوضوء - فإيجابه له في غسل الجنابة أولى ، إلا رواية رويت عن الإمام أحمد أنها في الوضوء أوكد ; [...] الأمر بالاستنشاق في الوضوء دون الغسل .

وهذا بعيد ; فإن الغسل [...] غسل مواضع الوضوء وزيادة ، فما وجب في الوضوء فهو واجب في الغسل بطريق الأولى .

وأما من لم يوجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء فاختلفوا في [ ص: 272 ] إيجابهما في غسل الجنابة ; فأوجبهما الكوفيون ، منهم الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان .

وقال مالك والشافعي : هما مسنونان في الوضوء والغسل سواء .

واستدل من أوجبهما في الغسل بأن غسل الجنابة يجب إيصال الماء فيه إلى ما تحت الشعر الكثيف ، مع استتاره بالشعر ، فإيجاب إيصال الماء فيه إلى باطن الفم والأنف ، مع ظهوره ، أولى بالوجوب .

وروى وكيع ، عن أبي حنيفة ، عن عثمان بن راشد ، عن عائشة بنت عجرد ، قالت : سألت ابن عباس عن الجنب يغتسل ، فينسى المضمضة والاستنشاق حتى يصلي ؟ قال : يتمضمض ويستنشق ، ويعيد الصلاة .

وخرجه الدارقطني من طريق سفيان ، عن عثمان ، عن عائشة ، عن ابن عباس ، قال : يعيد في الجنابة ، ولا يعيد في الوضوء . وعائشة بنت عجرد ، قيل : إنها غير معروفة .

وأنكر الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة التفرقة بين الغسل والوضوء في المضمضة والاستنشاق ، وقالوا : ما وجب غسله من الوجه في الوضوء وجب في الغسل ، وما لا فلا .

وفرقوا بين باطن الفم والأنف ، وما تحت الشعور - بأن ما تحت الشعور [ ص: 273 ] ستره [طارئ] ، بخلاف باطن الفم والأنف ; فإن سترهما بأصل الخلقة .

وأما غسل باطن العين في الجنابة فكان ابن عمر يفعله .

وفي وجوبه عن أحمد روايتان ، وأصحهما : لا يجب ; لمشقته ، وخوف الضرر منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية