صفحة جزء
[ ص: 295 ] الأول:

819 857 - حدثنا محمد بن المثنى، ثنا غندر، ثنا شعبة: سمعت سليمان الشيباني: سمعت الشعبي، قال: أخبرني من مر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- على قبر منبوذ، فأمهم وصفوا عليه، فقلت: يا أبا عمرو: من حدثك؟ قال: ابن عباس.


مراد البخاري من هذا الحديث في هذا الباب: أن ابن عباس صلى خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه على القبر، وابن عباس كان صغيرا لم يبلغ الحلم، وقد سبق ذكر الاختلاف في سنه عند وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في " كتاب العلم "، فدل على أن الصبي يشهد صلاة الجنائز مع الرجال ، ويصلي معهم عليها، ويصف معهم.

وقد خرجه البخاري في موضع آخر من " كتابه " هذا بلفظ آخر، وفيه: " فقام فصففنا خلفه، قال ابن عباس : وأنا فيهم، فصلى عليه ".

وقد خرجه الدارقطني من طريق شريك ، عن الشيباني بهذا الإسناد، وقال في حديثه: " فقام فصلى عليه، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه ".

وهذه زيادة غريبة، لا أعلم ذكرها غير شريك ، وليس بالحافظ، فإن كانت محفوظة استدل بها على أن صفوف الجنائز كصفوف سائر الصلوات.

وقد اختلف أصحابنا في ذلك:

فمنهم من قال: كذلك، وهو ظاهر كلام أحمد ؛ لأنه نص على كراهة صلاة الفذ وحده في صلاة الجنازة .

ومنهم من قال: يصلي على الجنازة الرجل وحده، منفردا خلف الصفوف، منهم: القاضي أبو يعلى في " خلافه " وابن عقيل .

وقالوا: إذا لم يكن جعل الصفوف في صلاة الجنازة ثلاثة إلا بقيام واحد [ ص: 296 ] صفا وحده كان أفضل.

واستدل بما روى عبد الله بن عمر العمري ، قال: سمعت أم يحيى قالت: سمعت أنس بن مالك يقول: مات ابن أبي طلحة ، فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام أبو طلحة خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم سليم خلف أبي طلحة كأنهم عرف ديك، وأشار بيده.

خرجه الإمام أحمد .

وخرج أبو حفص العكبري - من أصحابنا - بإسناده، عن خير بن نعيم الحضرمي ، أن أبا الزبير - أو عطاء بن أبي رباح - أخبره. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى على جنازة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- سابعهم، فجعلهم ثلاثة صفوف، الصف الأول ثلاثة، والصف الثاني رجلين، والصف الثالث رجلا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أيديهم .

وهذا مرسل.

وقد نص أحمد على أنه يستحب جعلهم في صلاة الجنائز ثلاثة صفوف، إذا أمكن أن يكون في كل صف اثنان فصاعدا، واستدل بحديث مالك بن هبيرة ، أنه كان إذا صلى على جنازة فتقال الناس عليها جزأهم ثلاثة أجزاء، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب ".

خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي .

وقال: حديث حسن.

التالي السابق


الخدمات العلمية