صفحة جزء
[ ص: 345 ] 3 - باب: الطيب للجمعة

840 880 - حدثنا علي، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا شعبة، عن أبي بكر بن المنكدر، قال: حدثني عمرو بن سليم الأنصاري، قال: أشهد على أبي سعيد، قال: أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبا إن وجد ".

قال عمرو: أما الغسل، فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب، فالله أعلم، واجب هو أم لا؟ ولكن هكذا في الحديث.

قال أبو عبد الله: هو أخو محمد بن المنكدر، ولم يسم أبو بكر هذا، روى عنه بكير بن الأشج وسعيد بن أبي هلال وعدة.

وكان محمد بن المنكدر يكنى بأبي بكر، وأبي عبد الله.


" علي " شيخ البخاري ، هو: ابن المديني ، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث - فيما ذكره الدارقطني في " علله " -:

فرواه عنه تمتام ، كما رواه عنه البخاري .

ورواه الباغندي عنه، فزاد في إسناده: " عبد الرحمن بن أبي سعيد "، جعله: عن عمرو بن سليم ، عن عبد الرحمن ، عن أبيه.

وكذا رواه سعيد بن أبي هلال ، عن أبي بكر بن المنكدر ، عن عمرو ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه.

[ ص: 346 ] خرجه مسلم من طريقه كذلك.

وخرجه - أيضا - من رواية بكير بن الأشج ، عن أبي بكر بن المنكدر ، ولم يذكر في إسناده: " عبد الرحمن ".

وعن الدارقطني : أن ذكر " عبد الرحمن " في إسناده أصح من إسقاطه.

وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك؛ فإنه لم يخرج الحديث إلا بإسقاطه، وفي روايته: أن عمرو بن سليم شهد على أبي سعيد ، كما شهد أبو سعيد على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا صريح في أنه سمعه من أبي سعيد بغير واسطة.

وكذا رواه إبراهيم بن عرعرة ، عن حرمي بن عمارة - أيضا.

خرجه عنه المروزي في " كتاب الجمعة ".

وكذا رواه القاضي إسماعيل ، عن علي بن المديني ، كما رواه عنه البخاري .

خرجه من طريقه ابن منده في " غرائب شعبة ".

وكذا خرجه البيهقي من طريق الباغندي ، عن ابن المديني .

وهذا يخالف ما ذكره الدارقطني ، عن الباغندي .

وذكر الدارقطني : أن بكير بن الأشج زاد في إسناده: " عبد الرحمن بن أبي سعيد "، وهو - أيضا - وهم منه.

فالظاهر: أن إسقاط عبد الرحمن من إسناده هو الصواب، كما هي طريقة البخاري .

وأما أبو بكر بن المنكدر ، فهو: أخو محمد بن المنكدر ، وهو ثقة جليل، ولم يسم، كذا قاله البخاري هاهنا، وأبو حاتم الرازي .

[ ص: 347 ] وإنما نبه البخاري على ذلك لئلا يتوهم أنه محمد بن المنكدر ، وأنه ذكر بكنيته؛ فإن ابن المنكدر كان يكنى بأبي بكر وبأبي عبد الله .

ويعضد هذا الوهم: أن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام روي عنه هذا الحديث، عن محمد بن المنكدر ، عن عمرو بن سليم ، عن أبي سعيد ، وروي عنه، عن محمد بن المنكدر ، عن أخيه أبي بكر ، عن عمرو ، عن أبي سعيد ، وهو الصواب.

وفي الطيب للجمعة أحاديث أخر، يأتي بعضها - إن شاء الله تعالى.

وأكثر العلماء على استحباب الطيب للجمعة :

روى وكيع ، عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر كان يجمر ثيابه للمسجد يوم الجمعة.

وروى عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، قال: كان ابن عمر إذا راح إلى الجمعة اغتسل وتطيب بأطيب طيب عنده.

وروي عنه، أنه كان يستجمر للجمعة بالعود.

وروي عن عمر ، أنه كان يأمر بتجمير المسجد يوم الجمعة.

ولم تزل المساجد تجمر في أيام الجمع من عهد عمر .

وفي الأمر بتجميرها في الجمع حديث مرفوع، خرجه ابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع ، وإسناده ضعيف جدا.

ومذهب مالك : أن يتصدق بثمن ما يجمر به المسجد، أو يحلق، وقال: هو أحب إلي: - ذكره في " تهذيب المدونة ".

[ ص: 348 ] وسيأتي عن ابن عباس التوقف في الطيب للجمعة.

وقد يقال: إنما توقف في وجوبه، كما توقف عمرو بن سليم الأنصاري ، فقد روى ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن طاوس ، قال: سمعت أبا هريرة يوجب الطيب يوم الجمعة، فسألت ابن عباس عنه، فقال: لا أعلمه.

قال سفيان : وأخبرني ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال: من أتى الجمعة فليمس طيبا، إن كان لأهله، غير مؤثم من تركه.

وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة، وليمس أحدهم من طيب أهله، فإن لم يجد فالماء طيب ".

وقال الترمذي : حسن.

وذكر في " علله " أنه سأل البخاري عنه، فقال: الصحيح عن البراء موقوف.

التالي السابق


الخدمات العلمية