صفحة جزء
[ ص: 265 ] 5 - باب الوتر على الدابة

954 999 - حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن سعيد بن يسار، أنه قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، قال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، ثم لحقته، فقال عبد الله بن عمر: أين كنت؟ فقلت: خشيت الصبح فنزلت فأوترت، قال عبد الله: أليس لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة؟ فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يوتر على البعير.


هذا الحديث قد روي عن ابن عمر من وجوه متعددة، قد خرجاه في " الصحيحين" من هذا الوجه، ومن حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه.

وخرجه البخاري من حديث نافع ، ومسلم من حديث عبد الله بن دينار .

وهذا مما استدل به على أن الوتر غير واجب، وأنه ملتحق بالنوافل; فإنه لو كان واجبا لألحق بالفرائض، ولم يفعل على الدابة جالسا، مع القدرة على القيام.

وقد اختلف العلماء في جواز الوتر على الراحلة:

فذهب أكثرهم إلى جوازه، ومنهم: ابن عمر ، وروي عن علي وابن عباس ، وهو قول سالم وعطاء والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور .

وقال الثوري : لا بأس به، وبالأرض أحب إلي.

وكذا مذهب مالك ، [ ص: 266 ] في " تهذيب المدونة": أن المسافر إذا كان له حزب، فليوتر على الأرض، ثم يتنفل في المحمل بعد الوتر.

وهذا يدل على أن تقديم الوتر على الأرض على قيام الليل أفضل من تأخيره مع فعله على الراحلة.

ومنع من الوتر على الراحلة من يرى أن الوتر واجب، وهو قول أبي حنيفة .

وقال النخعي : كانوا يصلون الفريضة والوتر بالأرض.

وحكى ابن أبي موسى من أصحابنا، عن أحمد في جواز صلاة ركعتي الفجر على الراحلة روايتين، دون الوتر. وحكي عن بعض الحنفية، أنه لا يفعل الوتر ولا ركعتا الفجر على الراحلة.

وروى الإمام أحمد : ثنا إسماعيل ، ثنا أيوب ، عن سعيد بن جبير ، أن ابن عمر كان يصلي على راحلته تطوعا، فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض.

ولعله فعله استحبابا، وإنما أنكر على من لا يراه جائزا.

وروى محمد بن مصعب : ثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر ، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي على راحلته حيث توجهت به تطوعا، فإذا أراد أن يصلي الفريضة، أو يوتر، أناخ فصلى بالأرض .

قال ابن جوصا في " مسند الأوزاعي من جمعه ": لم يقل أحد من أصحاب الأوزاعي : " أو يوتر" غير محمد بن مصعب وحده.

[ ص: 267 ] وخرجه من طرق كثيرة عن الأوزاعي ، ليس في شيء منها: ذكر الوتر.

ومحمد بن مصعب ، قال يحيى : ليس حديثه بشيء، وقال ابن حبان : ساء حفظه فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به.

التالي السابق


الخدمات العلمية