صفحة جزء
[ ص: 314 ] 24 - باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته

خرج فيه:

986 1033 - حديث الأوزاعي: نا إسحاق بن عبد الله، نا أنس، قال: أصاب الناس سنة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم-

فذكر الحديث، وقد تقدم في " كتاب المعة" بتمامه، وفيه:

ثم لم ينزل - يعني: النبي صلى الله عليه وسلم- عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته.



خرجه من طريق ابن المبارك ، عن الأوزاعي .

وفي الاستدلال بهذا الحديث على التمطر نظر; فإن معنى التمطر: أن يقصد المستسقي أو غيره الوقوف في المطر حتى يصيبه، ولم يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قصد الوقوف في ذلك اليوم على منبره حتى يصيبه المطر، فلعله إنما وقف لإتمام الخطبة خاصة.

وفي الاستمطار أحاديث أخر، ليست على شرط البخاري :

فخرج مسلم ، من رواية جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس ، قال: قال أنس : أصابنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مطر، فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: [ ص: 315 ] " لأنه حديث عهد بربه".

وخرج ابن أبي الدنيا ، من رواية الربيع بن صبيح ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يلقي ثيابه أول مطره، ويتمطر .

والرقاشي ضعيف جدا.

وروى بإسناده، عن جابر الجعفي ، عن عبد الله بن نجي ، قال: كان علي - رضي الله عنه -إذا مطرت السماء خرج، فإذا أصاب صلعته الماء مسح رأسه ووجهه وجسده، وقال: " بركة نزلت من السماء لم تمسها يد ولا سقاء".

وبإسناده، عن عبد الله بن مؤمل ، عن ابن أبي مليكة ، قال: كان ابن عباس يتمطر، يقول: يا عكرمة ، أخرج الرحل، أخرج كذا، أخرج كذا، حتى يصيبه المطر.

وبإسناده، عن وكيع ، عن أم غراب ، عن نباتة ، قال: كان عثمان بن عفان يتمطر.

وبإسناده، عن أبي الأشعر ، قال: رأيت أبا حكيم إذا كانت أول مطرة تجرد، ويقول: إن عليا كان يفعله، ويقول: إنه حديث عهد بالعرش.

وهذا يدل على أن عليا كان يرى أن المطر ينزل من البحر الذي تحت العرش.

وحديث العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في ذكر السحاب والمزن والعنان، وبعد ما بين السماء والأرض، وبعد ما بين السماوات بعضها من بعض، وأن فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله، مثل ما بين سماء إلى سماء، يشهد لذلك.

وقد خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم [ ص: 316 ] وقال: صحيح الإسناد، وقال الترمذي : حسن غريب.

وكذلك قاله عكرمة وخالد بن معدان وغيرهما من السلف: إن المطر ينزل من تحت العرش.

وروي عن ابن عباس من وجوه ما يدل عليه.

وأما من قال: إن المطر كله من ماء البحر; فإنه قال ما لا علم له به.

فإن استدل بأنه يشاهد اغتراف السحاب من البحر، فقد حكم حكما كليا بنظر جزئي، ومن أين له أن كل السحاب كذلك؟

وقد خرج ابن أبي الدنيا بإسناده، عن خالد بن يزيد بن معاوية : أنه كان عند عبد الملك بن مروان ، فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد : منه من السماء، ومنه ما يستقيه الغيم من البحر، فيعذبه الرعد والبرق، فأما ما يكون من البحر، فلا يكون له نبات، وأما النبات فما كان من ماء السماء، وقال: إن شئت أعذبت ماء البحر، فأمر بقلال من ماء، ثم وصف كيف يصنع حتى تعذب.

ونص الشافعي وأصحابنا على استحباب التمطر في أول مطرة تنزل من السماء في السنة.

وحديث أنس الذي خرجه البخاري إنما يدل على التمطر بالمطر النازل بالاستسقاء، وإن لم يكن أول مطرة في تلك السنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية