صفحة جزء
[ ص: 385 ] 7 - باب

إذا دعت الأم ولدها في الصلاة

1148 1206 - وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " نادت امرأة ابنها وهو في صومعته، فقالت: يا جريج، فقال: اللهم أمي وصلاتي، فقالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي، قالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي، قالت: اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجوه المياميس، وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم، فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريج، نزل من صومعته، قال: جريج: أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال: يا بابوس من أبوك ؟ قال: راعي الغنم".


هكذا ذكره هاهنا تعليقا، من رواية الأعرج ، عن أبي هريرة .

وقد خرجه في آخر " الغصب"، وفي " أخبار بني إسرائيل " مسندا، من رواية جرير بن حازم ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، بتمامه.

و" المياميس": جمع مومسة، وهي البغي، وتجمع على مياميس، قاله أبو زيد .

وهكذا في جميع روايات البخاري .

وقيل: إنما تجمع على " مواميس" بالواو; لأن الكلمة من ذوات الواو.

ورواه بعضهم " المأميس" - بالهمزة.

[ ص: 386 ] و" البابوس" هو الصغير الرضيع من بني آدم، وهو الصغير من أولاد الإبل أيضا.

وقيل: إنه اسم لذلك المولود، وهو بعيد.

وفي الحديث: دليل على تقديم الوالدة على صلاة التطوع، وأنها إذا دعت ولدها في الصلاة فإنه يقطع صلاته ويجيبها.

قال حميد بن زنجويه في " كتاب الأدب ": نا الحسن بن الوليد ، نا ابن أبي ذئب ، عن محمد بن المنكدر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا دعاك أبواك وأنت تصلي فأجب أمك ولا تجب أباك ".

وبإسناد، عن شبيب بن يزيد ، قال: مكتوب في التوراة: إذا دعتك أمك وأنت تصلي، فقل: لبيك، فإذا دعاك أبوك، فقل: سبحان الله.

ومرسل ابن المنكدر قد رواه يزيد بن هارون ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن المنكدر ، فذكره.

فتبين أنه لم يسمعه ابن أبي ذئب من ابن المنكدر .

وقال حرب : قيل لأحمد : الحديث الذي جاء: " إذا دعاك أبوك وأنت في الصلاة فأجبه" ؟ فرأيته يضعف الحديث.

وقال الأوزاعي ، عن مكحول : إذا دعتك أمك وأنت في الصلاة فأجب أمك، ولا تجب أباك.

قال الوليد بن مسلم : قلت للأوزاعي : في المكتوبة يجيبها؟ قال: نعم، وهل وجه إلا ذلك؟ ثم قال: يؤذنها في المكتوبة بتسبيحة، وفي التطوع يؤذنها بتلبية.

[ ص: 387 ] ووجه التفريق بينهما: أن الأم برها آكد من بر الأب; ولهذا وصى النبي - صلى الله عليه وسلم- ببرها ثلاث مرات، ثم وصى ببر الأب بعده.

قال الحسن : للأم ثلثا البر.

وقد روي، عنه في رجل حلف عليه أبوه بكلام، وحلفت عليه أمه بخلافه؟ قال: يطيع أمه.

وقال عطاء ، في رجل أقسمت عليه أمه أن لا يصلي إلا الفريضة، ولا يصوم إلا رمضان، قال: يطيعها.

وإنما قدم طاعتها على التطوع; لأن طاعتها واجبة، وهذا يشترك فيه الوالدان.

وقد سوى أصحابنا بينهما في إجابتهما في الصلاة، وقالوا: لا تجب إجابتهما فيها، وتبطل الصلاة.

لكن إذا كان في نفل خرج وأجابهما، بخلاف إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم- في الصلاة لمن دعاه; فإنها كانت واجبة، نص عليه أحمد ، وقال: لا تبطل بها الصلاة.

وكذلك قاله إسحاق بن راهويه ، وذكر أن ذلك من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليست لأحد بعده.

وكذلك هو الصحيح من مذهب الشافعي وأصحابه.

واستدلوا بأن المصلي يقول في صلاته: " السلام عليك أيها النبي"، ولو خاطب بذلك غيره لبطلت صلاته.

ولو قيل بوجوب إجابة الأم في الصلاة، وأنها لا تبطل بها الصلاة، لم يبعد، وهو ظاهر قول مكحول والأوزاعي ، كما سبق.

[ ص: 388 ] وكذا قال الأوزاعي في تحذير الضرير والصبي في الصلاة من الوقوع في بئر ونحوها: أنه لا بأس به.

وفي الحديث دليل على استجابة دعاء الأم على ولدها.

قال بعض السلف: يستجاب دعاؤها عليه، وإن كانت ظالمة.

وفي حديث أبي هريرة المرفوع: " ثلاث دعوات تستجاب، لا شك فيهن" فذكر منها: " ودعوة الوالدين على ولدهما".

وعن ابن مسعود ، قال: ثلاث لا ترد دعوتهم: الوالد، والمظلوم، والمسافر.

التالي السابق


الخدمات العلمية