صفحة جزء
[ ص: 523 ] 8 - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار برأسه أو استمع

1176 1233 - حدثنا يحيى بن سليمان، نا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن بكير، عن كريب.

فذكر حديثا قد ذكرناه بتمامه في " باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت"، وفيه:

أن أم سلمة قالت: دخل علي - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه، قولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: " يا ابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان ".


وخرجه في " المغازي" أيضا بهذا الإسناد، ثم قال: " وقال بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكر ، فذكر نحوه".

ومقصوده بهذا الباب أن المصلي يجوز أن يكلم في صلاته، ويستمع لمن [ ص: 524 ] كلمه، ويشير بيده أو برأسه; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على أم سلمة إرسالها الجارية إليه; لتكلمه وهو يصلي، بل أشار إليها فاستأخرت عنه، ثم أجاب عن سؤالها بعد الصلاة.

وقد اختلف السلف في هذا: فمنهم من رخص فيه، ومنهم من كرهه.

قال عبد الرزاق في " كتابه"، عن معمر ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، قال: رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإن أحدهم ليشهد على الشهادة وهو قائم يصلي.

وعن ابن جريج ، عن عطاء ، في الرجل كان يصلي، فيمر به رجل، فيقول له: فعلت كذا وكذا ؟...، قال: ليتم صلاته، ثم ليسجد سجدتي السهو.

قال: وقلت لعطاء : أتكره كل شيء من الإيماء في المكتوبة، حتى أن يمر بي إنسان وأنا في المكتوبة، فقال: صليت الصلاة؟ كرهت أن أشير إليه برأسي، فأقول: نعم؟ قال: أكره كل شيء من ذلك، فقيل له: فإن كان في التطوع؟ فقال: إن كان شيئا لا بد منه، وأحب إلي أن لا تفعل.

قال: وقال إنسان لعطاء : يأتيني إنسان وأنا في المكتوبة، فيخبرني الخبر، فأستمع إليه؟ قال: ما أحبه، وأخشى أن يكون سهوا، إنما هي المكتوبة، فتفرغ لها حتى تفرغ منها.

[ ص: 525 ] ففرق عطاء بين المكتوبة وغيرها، فكرهه في المكتوبة، وقال في التطوع: إن كان شيئا لا بد منه، وأحب إلي أن لا يفعل، لم يكرهه.

التالي السابق


الخدمات العلمية