صفحة جزء
[ ص: 349 ] 25 - باب

كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

خرج فيه حديثين :

أحدهما :

قال :

282 286 - نا أبو نعيم : نا هشام وشيبان ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، قال : سألت عائشة : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقد وهو جنب ؟ قالت : نعم ، ويتوضأ .

والثاني :

قال :

283 287 - ثنا قتيبة : نا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال : ( نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب ) .


ومراد البخاري بهذين الحديثين في هذا الباب الاستدلال على جواز تأخير الغسل من الجنابة لغير الضرورة ، وإن كان الجنب في بيته ، وإن نام في بيته وهو جنب . ولكنه إذا أراد النوم فإنه يستحب له أن يتوضأ ، وقد أفرد لذلك بابا بعد هذا .

[ ص: 350 ] ويتعلق بهذا حكم أكل الجنب ، وقد وردت فيه أحاديث لم يخرجها البخاري ; فخرج مسلم من حديث شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا ، فأراد أن يأكل أو ينام - توضأ .

وخرجه وكيع في ( كتابه ) ، وعنه الإمام أحمد وزاد : ( أو يشرب ) .

وقد تكلم في لفظة ( الأكل ) :

قال الإمام أحمد : قال يحيى بن سعيد : رجع شعبة عن قوله : ( يأكل ) . قال أحمد : وذلك لأنه ليس أحد يقوله غيره ، إنما هو في النوم . انتهى .

وقد رواه أيضا ميمون أبو حمزة ، عن إبراهيم - بهذا الإسناد ، وزاد : ( وضوءه للصلاة ) .

خرجه الطبراني .

[ ص: 351 ] أبو حمزة هذا ضعيف جدا .

وروى ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ، وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .

وفي رواية له : إذا أراد أن يأكل أو يشرب .

وخرج ابن ماجه آخره .

ورواه الأوزاعي ، عن يونس ، عن الزهري كذلك .

ورواه عيسى بن يونس ، عن يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

خرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) .

ورواه صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة أو غيره - بالشك - عن عائشة .

خرجه الإمام أحمد .

ورواه ابن وهب عن يونس ، فجعل ذكر الأكل من قول عائشة ، ولم يرفعه .

[ ص: 352 ] وأعله أبو داود وغيره بذلك .

وضعف أحمد حديث صالح بن أبي الأخضر .

وخرج الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي من حديث عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر ، عن عمار بن ياسر - أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة .

وحسنه الترمذي .

وإسناده منقطع ; فإن يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر ، قاله ابن معين وأبو داود والدارقطني ، وغيرهم .

وروى شرحبيل بن سعد ، عن جابر ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنب : هل ينام أو يأكل أو يشرب ؟ قال : ( نعم ، إذا توضأ وضوءه للصلاة ) .

خرجه ابن ماجه وابن خزيمة في ( صحيحه ) .

وشرحبيل ضعفه يحيى وغيره .

وروي عن شريك ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب فليتوضأ وضوءه للصلاة .

خرجه ابن عدي وغيره .

وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة .

[ ص: 353 ] وقد اختلف العلماء في الجنب إذا أراد الأكل ; فقالت طائفة منهم : يتوضأ . منهم علي ، وابن عمر ، وابن سيرين ، وأبو جعفر محمد بن علي ، والنخعي ورخص في الشرب بغير وضوء دون الأكل .

واستحباب الوضوء للأكل قول الشافعي ، وأحمد في رواية ، وقال مع هذا : لا يكره تركه .

وقال القاضي أبو يعلى من أصحابنا : يكره تركه .

وقالت طائفة : المستحب للجنب إذا أراد الأكل أن يغسل كفيه ، ومنهم من قال : ويمضمض . روي هذا عن ابن المسيب ومجاهد والزهري والأوزاعي وأبي حنيفة ، وهو رواية عن أحمد ، وزعم الخلال أن أحمد رجع إليها أخيرا .

وأنكرت طائفة الوضوء وغسل اليد للأكل ، روي عن مالك ، وقال : لا يغسل يده إلا أن يكون فيها قذر .

ومما يتعلق بذلك جلوس الجنب في المسجد إذا توضأ ، وهو قول أحمد وإسحاق .

قال عطاء بن يسار : رأيت رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون ، إذا توضئوا وضوء الصلاة .

خرجه سعيد بن منصور والأثرم .

وعن زيد بن أسلم ، قال : كان الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجنب ، ثم يتوضأ ، ثم يدخل المسجد ، فيجلس فيه .

[ ص: 354 ] وقال أكثر الفقهاء : لا يجوز للجنب الجلوس في المسجد بوضوء ولا غيره حتى يغتسل ، إلا أن يضطر إلى ذلك . وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ، وحكي رواية عن أحمد ، ورجحها بعض أصحابنا .

ومتى اضطر إلى ذلك للخوف على نفسه أو ماله فله اللبث فيه .

وهل يلزمه التيمم لذلك ؟ فيه قولان :

أحدهما : لا يلزمه ذلك ، وهو منصوص أحمد ، وقول أكثر أصحابه ; لأنه ملجأ إلى ذلك .

والثاني : يلزمه التيمم ، وهو قول الشافعية ، واختاره صاحب ( المغني ) من أصحابنا .

ورخصت طائفة للجنب في الجلوس في المسجد والمقام فيه بكل حال بدون وضوء ، وهو قول داود [ والمزني ] وابن المنذر .

التالي السابق


الخدمات العلمية