صفحة جزء
[ ص: 366 ] 28 - باب

إذا التقى الختانان

287 291 - حدثنا معاذ بن فضالة : ثنا هشام .

وحدثنا أبو نعيم ، عن هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ، ثم جهدها - فقد وجب الغسل ) .

تابعه عمرو ، عن شعبة - مثله .

وقال موسى : نا أبان ، نا قتادة ، أنا الحسن - مثله .


( هشام ) الراوي عن قتادة هو الدستوائي .

وقد خرجه مسلم من حديثه أيضا .

وخرجه أيضا من طريق شعبة ، عن قتادة - به ، وفي حديثه : ( ثم اجتهد ) .

وخرج النسائي من حديث خالد ، عن شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت الحسن يحدث - فذكره .

وهذه الرواية فيها تصريح قتادة بسماع الحديث من الحسن ، كالرواية التي ذكرها البخاري تعليقا عن موسى وهو ابن إسماعيل ، عن أبان .

ومراده بذلك أنه أمن بذلك تدليس قتادة ، وثبت سماعه لهذا الحديث من الحسن .

[ ص: 367 ] وخرجه مسلم من طريق مطر الوراق ، عن الحسن ، وزاد فيه : ( وإن لم ينزل ) .

وخرجه الإمام أحمد ، عن عفان ، عن همام وأبان ، عن قتادة ، ولفظ حديثه : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ، فأجهد نفسه - فقد وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل ) .

وخرجه البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، ولفظ حديثه : ( إذا التقى الختانان وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل ) .

وذكر الدارقطني في ( العلل ) الاختلاف على الحسن في إسناد هذا الحديث ، في ذكر ( أبي رافع ) وإسقاطه منه . ورواية الحسن له عن أبي هريرة بغير واسطة ، وفي وقفه على أبي هريرة ورفعه ، ثم قال : الصحيح حديث الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وذكر عن موسى بن هارون أنه قال : سمع الحسن من أبي هريرة ، إلا أنه لم يسمع منه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قعد بين شعبها الأربع ) ، بينهما أبو رافع . انتهى .

وما ذكره من سماع الحسن من أبي هريرة مختلف فيه ، وقد صح روايته لهذا الحديث عن أبي رافع ، عن أبي هريرة .

ولم يخرج البخاري حديث عائشة في هذا الباب ، وقد خرجه مسلم من رواية هشام بن حسان ، عن حميد بن هلال ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى - أنه سأل عائشة عما يوجب الغسل ، فقالت : على الخبير سقطت ! قال [ ص: 368 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ، ومس الختان الختان - فقد وجب الغسل ) .

كذا خرجه من طريق الأنصاري ، عن هشام . وخرجه من طريق عبد الأعلى ، عن هشام ، عن حميد ، قال : ولا أعلمه إلا عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، فتردد في وصل إسناده .

وقد عجب أحمد من هذا الحديث ، وأن يكون حميد بن هلال حدث به بهذا الإسناد .

وقال الدارقطني : صحيح غريب ، تفرد به هشام بن حسان ، عن حميد .

وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ) .

وعلي بن زيد فيه مقال مشهور ، وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه .

ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا موسى دخل على عائشة ، فحدثته بذلك ، ولم ترفعه .

وخرج مسلم من طريق ابن وهب عن عياض بن عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن أم كلثوم ، عن عائشة - أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع ، ثم يكسل ، هل عليهما الغسل ؟ وعائشة جالسة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأفعل ذلك أنا وهذه ، ثم نغتسل ) .

وأم كلثوم هي بنت الصديق أخت عائشة رضي الله عنهم .

[ ص: 369 ] قال الدارقطني : لم يختلف عن أبي الزبير في رفع هذا الحديث .

قلت : رواه عنه عياض بن عبد الله وابن لهيعة وأشعث ، وكلهم رفعوه .

وخرجه الإمام أحمد من حديث أشعث وابن لهيعة كذلك .

قال الدارقطني : وكذلك رواه قتادة ، عن أم كلثوم ، عن عائشة .

وحديث قتادة خرجه بقي بن مخلد ، ولفظ حديثه : عن عائشة ، أنها ونبي الله صلى الله عليه وسلم فعلا ذلك ، فلم ينزل الماء ، فاغتسل ، وأمرها أن تغتسل .

ولكن في سماع قتادة من أم كلثوم نظر ، ولأجله ترك مسلم تخريج الحديث من طريقه . والله أعلم .

وعند قتادة فيه إسناد آخر : رواه عن عبد الله بن رباح ، عن عائشة ، مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه . وقيل : عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن عبد الله بن رباح سأل عائشة ، فدل على أنه لم يسمعه منه .

ورواه ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح . وقيل : عنه ، عن عبد الرحمن بن رباح ، عن عبد العزيز بن النعمان ، عن عائشة ، مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه .

وأنكر أحمد رفعه ، وقال : عبد العزيز بن النعمان لا يعرف . وقال البخاري : لا أعلم له سماعا من عائشة . وذكر ابن معين أن رواية ثابت بإدخال ( عبد العزيز بن النعمان ) في إسناده أصح من رواية قتادة بإسقاطه .

[ ص: 370 ] وخرج الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان في ( صحيحه ) من حديث الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل . فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاغتسلنا .

وقال الترمذي : حسن صحيح . وصححه غير واحد من الحفاظ .

وقال البخاري : هو خطأ ، وإنما يرويه الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم - مرسلا .

ورد قوله بكثرة من رواه عن الأوزاعي من أصحابه موصولا .

وأعله الإمام أحمد بأنه روي عن الأوزاعي موقوفا ، قال أحمد : والمرفوع في آخر الحديث إنما كان الأوزاعي يرويه عن يحيى بن أبي كثير ، أنه بلغه عن عائشة . وكذا رواه أيوب ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة - موقوفا ، لم يرفعه .

وذكر أبو زرعة الدمشقي هذا عن أحمد ، ثم قال أبو زرعة : رأيت أبا مسهر [على] هذا الحديث على يحيى بن معين ، فقبله يحيى ، ولم ينكره .

[ ص: 371 ] وقد روي عن عائشة من طرق أخرى متعددة مرفوعا .

وخرجه البزار من طريق ابن أبي فديك ، نا الضحاك بن عثمان ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن عائشة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى الختانان وجب الغسل ) .

وإسناده كلهم ثقات مشهورون .

وقد صح ذلك عن عائشة من قولها غير مرفوع من طرق كثيرة جدا ، وفي بعضها اختلاف في رفعه ووقفه .

ولعل عائشة كانت تارة تفتي بذلك ، وتارة تذكر دليله ، وهو ما عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، كما أن المفتي أحيانا يذكر الحكم من غير دليل ، وأحيانا يذكره مع دليله ، والله أعلم .

والجلوس بين شعبها الأربع قيل : المراد يدي المرأة ورجليها ، وقيل غير ذلك مما يرغب عن ذكره .

و( جهدها ) : هو عبارة عن الاجتهاد في إيلاج الحشفة في الفرج ، وهو المراد أيضا من التقاء الختانين .

قال الشافعي : معنى التقاء الختانين أن تغيب الحشفة في الفرج حتى يصير الختان الذي خلف الحشفة حذو ختان المرأة .

وقال أحمد : التقاء الختانين : المدورة - يعني : الحشفة - فإذا غابت فالختان بعدها .

وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من رواية حجاج بن أرطاة ، عن عمرو بن [ ص: 372 ] شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا التقى الختانان ، وتوارت الحشفة - فقد وجب الغسل ) .

وحجاج مدلس ، وقيل : إن أكثر رواياته عن عمرو بن شعيب سمعها من العرزمي ودلسها . والعرزمي ضعيف .

وقد روي أيضا هذا الحديث عن العرزمي ، عن عمرو .

وروي من وجه ضعيف ، عن أبي حنيفة ، عن عمرو - به ، وزاد في روايته : ( أنزل أو لم ينزل ) . خرجه الطبراني .

وقوله : ( إذا التقى الختانان ) - استدل به الإمام أحمد على أن المرأة تختتن كالرجل .

وختان المرأة مشروع بغير خلاف ، وفي وجوبه عن أحمد روايتان ، على قوله بوجوبه على الرجال .

التالي السابق


الخدمات العلمية