صفحة جزء
[ ص: 400 ] 2 - باب

غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

291 295 - نا عبد الله بن يوسف ، نا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض .

292 296 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، نا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم : أنا هشام ، عن عروة ، أنه سئل : أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جنب ؟ فقال عروة : كل ذلك علي هين ، وكل ذلك تخدمني ، وليس على أحد في ذلك بأس ; أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ مجاور في المسجد ، يدني لها رأسه وهي في حجرتها ، فترجله وهي حائض .


هذا الحديث يدل على طهارة بدن الحائض ، وعلى جواز مباشرتها بيدها لرأس الرجل بالدهن والتسريح ، وهو معنى ترجيل الرأس المذكور في هذا الحديث .

وقد روى تميم بن سلمة ، عن عروة هذا الحديث ، ولفظه ( فأغسله وأنا حائض ) .

وكذلك روى لفظة ( الغسل ) إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة .

ولو كانت يدها نجسة لمنعت من دهن رأس الرجل وغسله .

وقد ألحق عروة الجنب بالحائض ، وهو كما قال ، بل الجنب أولى [ ص: 401 ] بالطهارة ; فإنه أخف حدثا .

وقد كان ابن عباس يكره ترجيل الحائض رأسه ، حتى نهته خالته ميمونة عن ذلك .

قال الإمام أحمد : ثنا سفيان ، عن منبوذ ، عن أمه ، قالت : كنت عند ميمونة ، فأتاها ابن عباس ، فقالت : يا بني ، ما لك شعثا رأسك ؟ قال : أم عمار مرجلتي حائض ! قالت : أي بني ، وأين الحيضة من اليد ؟ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض ، فيضع رأسه في حجرها ، فيقرأ القرآن وهي حائض . ثم تقوم إحدانا بخمرته ، فتضعها في المسجد وهي حائض . أي بني ، وأين الحيضة من اليد ؟

واستدل جماعة من الفقهاء بترجيل الحائض رأس الحي وغسله على جواز غسلها للميت ، منهم أبو ثور ، وله في ذلك حكاية معروفة ، إذ سئل عن هذه المسألة جماعة من أهل الحديث ، فلم يهتدوا للجواب ، فأجاب أبو ثور بالجواز ، واستدل بهذا الحديث ، وبحديث ( إن حيضتك ليست في يدك ) .

وحكي عن أحمد أيضا نظير هذه الحكاية بإسناد فيه بعض من لا يعرف .

وممن رخص في تغسيل الحائض والجنب للميت عطاء والثوري .

ورخص الحسن للجنب أن يغسل الميت ، وحكى الإمام أحمد عنه أنه قال في الحائض : لا تغسل الميت ، وعن علقمة أنه قال : تغسله .

وفي ( كتاب عبد الرزاق ) عن علقمة أن الحائض لا تغسل الميت .

واختلفت الرواية عن أحمد فيه ، فروي عنه أنه قال : لا بأس بذلك .

[ ص: 402 ] وروي عنه أنه رخص للجنب دون الحائض إلا للضرورة .

وقد تقدم عنه رواية أخرى بالرخصة للحائض مطلقا ، وأن في إسنادها نظرا .

وكره علقمة والنخعي والثوري وأحمد أن يحضر الجنب والحائض عند الميت عند خروج روحه ; لما روي من امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه الجنب .

وفي الجملة فبدن الحائض طاهر ، وعرقها وسؤرها كالجنب ، وحكى الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء .

وسئل حماد : هل تغسل الحائض ثوبها من عرقها ؟ فقال : إنما يفعل ذلك المجوس .

وحكى بعض الفقهاء عن عبيدة السلماني أن الحائض لا تقرب الرجل ولا تمس منه شيئا ، قال بعضهم : ولا أظنه يصح عنه .

وحكى بعضهم عن أبي يوسف أن بدن الحائض نجس ، وأنها إذا أصابت ماء قليلا نجسته ، وقال بعضهم أيضا : لا يصح هذا عن أبي يوسف .

ولكن أبو حنيفة وأصحابه يقولون : على بدن الجنب وأعضاء المحدث نجاسة حكمية ، تنتقل إلى الماء الذي يرتفع به حدثه ، فيصير نجسا .

وهذا إنما يقولونه في الحائض إذا انقطع دمها وأصابها الماء ، فإنه ينجس ويرتفع حدثها بذلك ، وإن لم تنو رفع الحدث به ، على أصلهم المعروف أن النية لا تشترط للطهارة بالماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية