صفحة جزء
[ ص: 403 ] 3 - باب

قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين ; لتأتيه بالمصحف ، فتمسكه بعلاقته .

293 297 - حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين : سمع زهيرا ، عن منصور بن صفية ، أن أمه حدثته ، أن عائشة حدثتها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجري وأنا حائض ، ثم يقرأ القرآن .


هذا الإسناد كله مصرح فيه بالتحديث والسماع ، إلا في رواية زهير وهو ابن معاوية ، عن منصور بن صفية بنت شيبة .

ومراد البخاري بهذا الباب أن قرب القارئ من الحائض ومن موضع حيضها لا يمنعه من القراءة ; فإنه لو لم يكن للحيض تأثير في منع القراءة لم يكن في إخبار عائشة بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وهو متكئ في حجرها في حال الحيض معنى ، فإنها أرادت أن قرب فم القارئ للقرآن من محل الحيض لا يمنعه القراءة .

وقد زعم بعضهم أن في الحديث دلالة على أن الحيض نفسه غير مانع من القراءة ، ولا يصح ذلك ، إنما مراد عائشة أن قرب الطاهر من الحائض لا يمنع القراءة .

وقد صرحت ميمونة أم المؤمنين بهذا المعنى ، كما خرجه الإمام أحمد من حديث ابن جريج : أخبرني منبوذ ، أن أمه أخبرته ، أنها بينا هي جالسة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليها ابن عباس ، فقالت : ما لك شعثا ؟ قال : [ ص: 404 ] أم عمار مرجلتي حائض . فقالت : أي بني ، وأين الحيضة من اليد ؟ لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي متكئة حائض ، قد علم أنها حائض ، فيتكئ عليها ، فيتلو القرآن وهو متكئ عليها . أو يدخل عليها قاعدة وهي حائض ، فيتكئ في حجرها ، فيتلو القرآن وهو متكئ في حجرها . وتقوم وهي حائض ، فتبسط له خمرة في مصلاه . وفي رواية : فتبسط خمرته ، فيصلي عليها في بيتي . أي بني ، وأين الحيضة من اليد ؟

وخرجه النسائي مختصرا ، ولم يذكر قصة ابن عباس .

قال القرطبي : ويؤخذ من هذا الحديث جواز استناد المريض للحائض في صلاته إذا كانت أثوابها طاهرة . قال : وهو أحد القولين عندنا .

وفي ( تهذيب المدونة ) في صلاة المريض : ولا يستند بحائض ولا جنب .

وقد ألحق البخاري بذلك إمساك الحائض بعلاقة المصحف وحمله كذلك ، وقد حكاه عن أبي وائل .

وقد اختلف الفقهاء في حمل المحدث المصحف بعلاقة : هل هو جائز ؟ أم لا ؟ وفيه قولان مشهوران :

وممن رخص في ذلك عطاء والحسن والأوزاعي والثوري ، وكرهه مالك ، وحرمه أصحاب الشافعي ، وعن أحمد روايتان ، ومن أصحابنا من جزم بجوازه من غير خلاف حكاه .

وأصل هذه المسألة منع المحدث من مس المصحف ، وسواء كان حدثه حدثا أكبر وهو من يجب عليه الغسل ، أو أصغر وهو من يجب عليه الوضوء .

هذا قول جماهير العلماء ، وروي ذلك عن علي وسعد وابن عمر [ ص: 405 ] وسلمان ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة ، وفيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلة ومرسلة . وخالف في ذلك أهل الظاهر .

وأجاز الحكم وحماد للمحدث مسه بظهر الكف دون بطنه .

وعن الحسن ، قال : لا بأس أن يأخذ المصحف غير المتوضئ ، فيضعه من مكان إلى مكان .

وعن سعيد بن جبير أنه بال ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم أخذ المصحف ، فقرأ فيه . رواهما عبد الرزاق .

وعن الشعبي ، قال : مس المصحف ما لم تكن جنبا . ذكره وكيع .

وأما الاستدلال بقوله عز وجل : لا يمسه إلا المطهرون - ففيه كلام ليس هذا موضعه . والله أعلم .

وإن عدم الماء وتيمم فله مس المصحف عندنا وعند الشافعية والأكثرين ، خلافا للأوزاعي .

وفي الحديث دلالة على جواز قراءة القرآن متكئا ، ومضطجعا ، وعلى جنبه ، ويدخل ذلك في قول الله عز وجل : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم

التالي السابق


الخدمات العلمية