صفحة جزء
[ ص: 550 ] 30 - باب

خرج فيه :

326 333 - من حديث سليمان الشيباني ، عن عبد الله بن شداد ، قال : سمعت خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تكون حائضا لا تصلي ، وهي مفترشة بحذاء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي على خمرته ، إذا سجد أصابني بعض ثوبه .


في هذا الحديث دلالة على طهارة ثياب الحائض التي تلبسها في حال حيضها ، وأن المصلي إذا أصابه شيء من ثيابها في تلك الحال لم تفسد صلاته . وقد سبق هذا المعنى مستوفى في ( باب : هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه ؟ )

والظاهر أن مراد ميمونة في هذا الحديث مسجد بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه من بيته ; لأن ميمونة لا تفترش إلا بحذاء هذا المسجد ، ولم ترد - والله أعلم - مسجد المدينة .

وتأتي باقي فوائد الحديث في ( كتاب الصلاة ) إن شاء الله سبحانه وتعالى .

وقد خرج الإمام أحمد والنسائي من حديث منبوذ ، عن أمه ، عن ميمونة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا ، يتلو القرآن وهي حائض ، وتقوم إحدانا بخمرته إلى المسجد فتبسطها وهي حائض .

والظاهر حمله أيضا على مسجد البيت ، ويشهد له أن الإمام أحمد خرجه بلفظ آخر عن ميمونة قالت : كانت إحدانا تقوم وهي حائض ، فتبسط له خمرة في مصلاه ، فيصلي عليها في بيتي .

[ ص: 551 ] وكذلك ما خرجه مسلم من حديث عائشة ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ناوليني الخمرة من المسجد ) . قلت : إني حائض ؟ قال : ( إن حيضتك ليست في يدك ) .

ومساجد البيوت لا يثبت لها أحكام المساجد عند جمهور العلماء ، فلا يمنع الجنب والحائض منها ، خلافا لإسحاق في ذلك .

ومن حمل حديث ميمونة وعائشة على مسجد المدينة استدل بحديثهما على أن الحائض لها أن تمر في المسجد لحاجة إذا أمنت تلويثه . وحكي ذلك عن طائفة من السلف ، منهم : ابن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن أسلم ، وعمرو بن دينار ، وقتادة ، وهو قول الشافعي وأحمد .

واختلف أصحابنا : هل يباح لها الدخول لأخذ شيء ووضعه ؟ أم لا يباح إلا للأخذ خاصة ؟ على وجهين .

ونص أحمد على أنه لا يباح إلا للأخذ خاصة في رواية حنبل .

وقال إسحاق : هما سواء .

وحديث ميمونة فيه الدخول لبسط الخمرة ، وهو دخول لوضع .

وكل من منع الجنب من المرور في المسجد لغير ضرورة منع منه الحائض ، وأولى ، وهو قول الثوري وأبي حنيفة ومالك وإسحاق .

ومنهم من أباحه للجنب دون الحائض كالأوزاعي ، ومالك في رواية ; لأن حدث الحيض أفحش من الجنابة وأغلظ . وحكى ابن عقيل وجها لأصحابنا بمثل ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية